مريم داداه: اصبحت موريتانيةً أكثر مني فرنسية

بالنسبة للقائي الأول بالمختار ولد داداه وهو لا يزال طالباً يستحق توضيحات لا تخلو من الدهشة رغم أنني، وأنا مسلمة، لا أومن بالصدفة. أعتقد أن هذا اللقاء كان قدراً مكتوباً وقد أذعنت فيه لأمر الله.
 كنت طالبة فى كلية الحقوق الوحيدة فى فرنسا آنذاك، والموجودة بالقرب من بانتليوه.. وكنت أنتمي للمجموعة الكاثوليكية بالجامعة. قررنا ذات يوم تنظيم محاضرة ينعشها الأستاذ لوي ماسينيوه الذي كان على دراية واسعة بالإسلام، وكنت مكلفةً بتوجيه الدعوة لمجموعة طلاب فرنسا ما وراء البحار لحضور هذه التظاهرة. تحدثت مع ذلك الشاب (المختار ولد داداه) دون أن أعلم هل هو مغربي أم تونسي أم جزائري.. بالنسبة لموريتانيا أعلم أنها موجودة، لكني لا أعرف مكانها الجغرافي رغم أنني كنت ممتازة فى مادة الجغرافيا. تحدثت معه فى الموضوع، وقال لي إن الأمر يهمه كثيراً، فأكدت له الدعوة.
 إن أروع ما فى هذا التحول الجديد الذي أصبحت بموجبه موريتانية هو أنني عرفت الرئيس المختار ولد داداه تحت مظلة إسلامية، فهذا هو مكمن الاستغراب. تعارفنا كأصدقاء ثم أنهينا بعد ذلك امتحان السنة الثالثة وحصلنا معاً على شهادة الكفاءة فى مهنة المحاماة.
بعد ذلك مَرِض المختار في موريتانيا مرضاً شديداً، قبل أن يتم رفعه إلى فرنسا بعد علاج فى سينلوي. كان طيلة تلك السنة يخضع للعلاج، وفى المستشفى قابلت الرئيس الذي ظل صديقاً لي. وبعد ذلك بسنتين طلب مني الزواج والانتقال معه إلى موريتانيا، وقد شرح لي بكل نزاهة أن الأمر لن يكن سهلا؛ فلا توجد عاصمة ولا عوامل رخاء. ولظروف لا يعلمها إلا الله، وافقت على الأمر وتم عقد القران في باريس فى 4 نوفمبر 1958. بعد شهرين قدمت إلى البلاد فى ظروف كانت صعبة، لكني لم أفكر يوماً فى العدول عن قراري، لأني فى البداية أعطيت الموافقة، ليس فقط للرئيس المختار، ولكن لموريتانيا. لم أفكر يوماً في مغادرة موريتانيا مهما كانت قساوة الظروف.
وبفضل الله والموريتانيين وخصوصاً الرئيس الذي لم يأل أي جهد فى سبيل دمجي فى حياة البلد وفى أسرته، بفضل هذا كله أصبحت موريتانية أكثر مني فرنسية مع أنه ليست لدي أدني عقدة تجاه جنسيتي الأصلية. فبحول الله وقوته سيظل قلبي وذهني معلقين بهذا البلد إلى الأبد.

 

مرم داداه في مقابلة مع «الوكالة الموريتانية للأنباء»، نوفمبر/2010

عن صفحة الإعلامي محمد ولد المنى

أحد, 20/12/2020 - 21:58