
يمتاز شعبنا بالكثير من الصفات المعينة على الانسجام، في طليعتهاوحدة الدين والتمسك به، إضافة إلى التكافل الاجتماعي وحب الخيرللغير، مع إرث عريق من التعايش السلمي والعلاقات الثقافية الضاربةفي التاريخ.
إرث ألف بين أربع مجموعات بشرية عاشت على هذه البقعة منذ أمدبعيد ودافعت عن الأرض والعرض جنبا إلى جنب، دون تمييز بينالبيظان والفلان والصوننك والولف!
وقد استطاعت المحظرة عبر التاريخ أو كادت أن توحد بين تلكالمجموعات لغويا، حيث لايزال إلى الآن كبار السن من المجموعاتالزنجية يقتصرون على الحرف العربي فيما يدونون، كما لايزالونيفضلون الحديث بلغة القرآن عن غيرها من اللغات الأجنبية. تماما مثلما نجد عند نظرائهم من مجموعة البيظان.
أقول هذا مع أنه لا يمكن إنكار ما قام به المستعمر الفرنسي من جهدلإحلال لغته محل اللغة التي كانت جامعة، بما في ذلك كتابة لغاتناالوطنية بالحرف الأجنبي!
لكن رغم كل تلك الجهود الاستعمارية وما ساهم به المتطرفون فيبلادنا عبر الزمن من أعمال خبيثة لهدم انسجام مجموعاتنا الوطنية،إلا أنها ظلت محافظة على تعايشها السلمي بفعل ما تتميز به غالبيةقادة المجتمع من حكمة وتبصر!
غير أن هذا الانسجام والتاريخ الطويل من التعايش السلمي أصبحالآن مهددا أكثر من أي وقت مضى بفعل بعض المستجدات المحفزةعلى الخصام والمعينة على التنافر!
1 جنون الوسائط الإعلامية!
أتاحت وسائط الإعلام الحديثة وماتعتمد عليه من الإثارة، الفرصةلتصدر السفهاء والغوغائيين للمشهد الإعلامي، والتحكم في توجيهالرأي العام، اعتمادا على حجم المتابعين وعدد الإعجابات، التيتتناسب طرديا مع إثارة الموضوع وسوقية ناشره!
وهذا ماجعل المعلومة الكاذبة، غالبا، والمؤججة للمشاعر والمحفزة علىالخصام تحتل المرتبة الأولى من بين جميع المعلومات السوقية التييقدمها أغلب رواد هذه الوسائط لحظيا!
وبطبيعة الحال ستمر تلك المعلومات المضللة والمثيرة للفتنة، في رحلتهاالجنونية عبر تلك الوسائط بالجميع فيعتمدها سفهاء المجتمعوالساعون إلى فرقته وسائل لزيادة الفتق على الراتق من حكمائه!
2الاستغلال السياسي والحقوقي
من الأمور المخيفة على مستقبل التعايش بين مكوناتنا الوطنيةالاستغلال البشع لقضيانا الاجتماعية من طرف بعض القادةالسياسيين والحقوقيين لجني بعض المكاسب السياسية أو المادية!
قد يظن البعض أن هذان المعولان وغيرهما من المعاول الفتاكةالمستجدة يقتصر ضررهما على تهديد انسجام المجموعات الزنجية معمجموعة البظان فقط، لكن حسب اعتقادي أن ضرر مثل هذه المعاولمن الممكن أن يطال كل مجموعة على حدة حسب الزمن وحسب درجةوعوامل الإنشطار فيها وأعتقد أن مجموعة البظان أكثر هشاشة أمامهذه المستجدات في الوقت الحالي على الأقل، من المجموعات الزنجية!
ذلك أن معضلة البيظان وهشاشة نسيجهم تكمن في ثقافتهمالمشجعة على الإنشطار
فالمرء يمكن أن يميز بوضوح مستوى الاحتقان الانشطاري الآن داخلمجموعة البيظان اعتمادا على الجهة(الشرك، الكبله، الساحل..)،وبنفس الدرجة على البعد الطبقي(عرب، زوايا، حراطين، صناع،فنانين)، ويمكن أن تقول الشيء ذاته فيما يتعلق بانشطاره قبائليا..
وبطبيعة الحال كل هذه الإنشطارات الخطيرة قابلة للإذكاء أكثر عنطريق العوامل الاقتصادية وتأثير الفجوة بين الفقراء والأغنياء!
القلق الذي ينتاب القارئ لمابين سطور العلاقات داخل مجتمع البيظانوما قد تسببه هذه المستجدات من مشاكل في نسيجه الاجتماعيلايعني أن إخوتنا الزنوج(الفلان، السوننك والولف) في منأى عن مثلهذا الضرر، بل سيكون تضررهم أكبر، خاصة إذاما تفككت مجموعةالبيظان وتناقص عددها أمام الوافدين، عندها لا قدر الله، سيكونالوقت قد فات على هؤلاء الإخوة!
لا أقول هذا من فراغ، بل من قراءة واقع وعلاقات هؤلاء الإخوة فيالبلدان الأخرى!
ختاما أريد أن أأكد أن مايتهددنا من مخاطر بما في ذلك حجمالوافدين إلينا من الدول الشقيقة والصديقة، يحتم علينا تجاوز كلالحساسيات، أيا كانت، حفاظا على وطننا وخدمة لأحفادنا والأجيالالقادمة، ولاشك أن الوقت لايزال متاحا لذلك، لكنه يمر بسرعة.
وعليه فهذه دعوة للعقلاء من جميع مكوناتنا للوقوف صفا واحدا أمامهذا المخطط الجهنمي الذي يحاك في الغرف المظلمة ضد وطنناالحبيب وأمتنا المجيدة!
حفظ الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين والعرب
الديماني محمد يحي