أين الموقع الصحيح للعاصمة؟

بات موقع مدينة نواكشوط، كما هي الآن، مثاراً لكثير من التساؤولات المتوجسة والاستفهامات المتشككة، لاسيما وقد أصبح إلى حد كبير موقعاً طارداً وخطِراً وغير مناسب، وذلك لأسباب أهمها الآتي:

1- «التخطيط» العشوائي الذي عرفته المدينة على مدى عقود، وحرمها من مساحات للتفسح والتنفس (شوارع واسعة، حدائق ومساحات خضراء، مساحات احتياطية لإيواء المقار العمومية والمنشآت الخدمية والترفيهية).
2- افتقار المدينة لشبكة صرف صحي كافية وكفؤة وفعّالة، مما ألجأ كل بيت فيها لحفر «افونص» أو أكثر، حتى باتت نواكشوط في حكم المدينة العائمة فوق بحر من مياه «افونصات».
3- خطر المد البحري الذي تعاظم احتمال وقوعه في ظل التغير المناخي وظواهره المتطرفة باضطراد، وقد ارتفعت حدة تهديده لنواكشوط خاصة بعد التجريف المتواصل لرمال التلال الرملية التي كانت عالية الارتفاع في السابق، مما جعلها حاجزَ حماية طبيعي بين المدينة والبحر، لكنه تضاءل ثم اختفى وأصبح معدوماً في وقتنا الحالي.
4- النمو الديمغرافي الكبير والمتسارع، وما صاحبه من انتشار أفقي لم يرافقه أي نوع مناسب من التخطيط العمراني والإداري والخدمي والاقتصادي، حيث بقيت «كبتال» (الموزعة بين مقاطعتي لكصر وتفرغ زينة) مركز النشاط الاقتصادي والخدمي في العاصمة.
لذلك يثار السؤال الآن: هل كان اختيار موقع العاصمة قبل 62 عاماً اختياراً خاطئاً وغير مناسب؟ وما الموقع الأفضل كبديل عن الموقع الحالي لعاصمتنا الوطنية؟
أعتقد أن أي إجابة على السؤالين أعلاه ينبغي لها أن تراعي أربع احتياجات ضرورية في هذا الصدد: ضرورة القرب من مصدر مائي ضخم (نهر أو بحيرة جوفية) لتزويد المدينة بالمياه الصالحة للشرب، الحاجة الدائمة لمجاورة البحر الذي هو ثروة وطنية وبوابة الوطن على العالم الخارجي، أهمية التمتع بطقس معقول لناحية اعتدال أجوائه على مدى أطول فترة ممكنة خلال العام، ثم أخيراً ضرورة الأمان من مخاطر التحولات البيئية، سواء أكانت فيضاناً نهرياً أو مداً بحرياً أو جفافاً حاداً.
وعلى ضوء ذلك نتساءل مرة أخرى: هل كان اختيار موقع العاصمة عام 1958 اختياراً سيئاً لكنه أفضل المتاح في جغرافيتنا عامةً، رغم كل الأخطاء والاختلالات وصور الفوضى والتقصير خلال العقود اللاحقة؟!

سبت, 03/10/2020 - 22:08