
ليس جديدا أنَّ قطاع الصيدلة (نسختنا) يُنتج الضمائر الميتة ويمارس تربُّحًا مُفرطا على حساب الحياة، الجديد أنَّ هذه الطفيليات المالية رفعت سقف الوقاحة منذ أيام، على حساب الوطنية والأخلاق، ضاعفت سعر المطهرات والكمامات -غير المعقمة- 10 مرات ولا أبالغ، وبالأمس سحب سماسرة الصيدليات مخزون علب "ديتول" من شارع الرزق ليحتكروها، وقد كانت رخيصة وغير مرغوبة لسوء رائحتها.
في كل أزمة يظهر مستفيد وخاسر، ومع أن "كوفيد" عدو مشترك للتاجر والمواطن، لكن الظاهر أنه يتجه لأن يكون نعمة على الأول ونقمة على الثاني، فقد بدأ تجارنا استغلال حالة القلق لتعظيم الأرباح وابتزاز الحالة النفسية للمواطن.
ماذا لو انتقلنا الى مرحلة الحجر الصحي الجماعي، وهو اجراء وارد، فهل ستتصاعد المضاربات؟، خصوصا أنَّ الذعر يدفع لمزيد من الرغبة في الشراء والتخزين والجهوزية المبالغ فيها، والتاجر طبعا بالمرصاد.
التثقيف مهم، والإجراءات الاحترازية مهمة في ظل بنية صحية هشة تفتقر حتَّى لأدوات الحماية الشخصية، فما بالك بالجماعية، لكن التاجر يحتاج القرص في الأذن، فما حصل اليوم مع الكمامات وعُلب التطهير الكمالية قد يحصل غدا مع المواد التموينية الحيوية من غذاء ودواء، إذا ما تفاقمت هيستيريا القلق.
في مثل هذه الأزمات الاستثنائية تظهر الحاجة للضمير الوطني، للإيمان بالأمة والدولة، للكشَّافة، لفرق التطوع،.. هذه الأمور لا تُحصَّل بالتعبئة المرتجلة من فوق سنام الكارثة، بل تُبنى بتراكم التربية المدينة للأجيال، وفي وقت الرخاء النفسي.
تظهر أيضا الحاجة لطوارئ طبية مُجهَّزة وقادرة على مواجهة الكوارث والتعامل مع موجات الإصابة المتلاحقة، ومُدرَّبة على قواعد الإسعاف الجماعي في ظرف دقيق واستثنائي،.. لكن التجهيز للحرب يكون عادة في وقت السِّلم.
الدهماء ريم