موريتانيا فى سياق الحرص على وحدتها الوطنية،و فى المادة 6،من دستورها وضعت العربية مع البولارية و السونوكية و الولفية فى لائحة اللغات الوطنية،و قررت اللغة العربية،اللغة الرسمية للبلاد،و مع ذلك يظهر البعض إبان هذا التشاور المرتقب، متحدثا عن العربية،بوصفها لغة أجنبية،فأين ما يترتب على مثل هذه الإساءة لدستور البلاد و لعامة المسلمين،كلية هذا الشعب؟!.
ألسنا معشر الموريتانيين جميعا مسلمين،و لغة القرآن،العربية،أليس مثل هذا التوصيف لللغة العربية،إساءة بالغة لحرمات الجميع؟!.
و مع ذلك يفتح له القصر الرئاسي و يتم الجلوس معه على موائد التشاور،بينما يحرص هو فى المقابل،على أن يكشف باستمرار عن سوأته و حقده و ضعف رغبته فى التعايش الإيجابي.
إن الميل لثقافة المحتل و الحرص على التشبث بحضارته،قد لا تعنى سوى الحيرة و الضعف العقلي و الثقافي و الديني فحسب!.
و فى المقابل على أرض الواقع،العربية هي لغة جميع الموريتانيين و ناظمهم الاجتماعي و الديني،و لا يعنى هذا تجاهل اللغات و لا التقاليد و الثقافات الأخرى ،لمختلف المكونات.
و أما ضرورات السوق و ما يخدم الاقتصاد و التعاطى مع الأمم و الشعوب،فينبغى النظر له، بموضوعية،فى سياق المحاولات المستمرة، لمراجعة خططنا التعليمية و التنموية.
و باختصار، لا معنى للتخلى عن لغتنا الرسمية،فى تعليمنا و إدارتنا و دولتنا عموما،و فى المقابل لا معنى للانغلاق أو العزلة،فذلك مصدر ضعف لمصالحنا المختلفة.
أما دعوة البعض لتعليم بعض أجيالنا بلغاتهم المحلية،فيحتاج إلى تعقل،لأن هذه اللغات مازالت محدودة الانتشار،و لذلك يفضل البعض تسميتها لهجات لا أكثر،و لا يخدمها رافد اقتصادي، يعزز مبرر تكوين الأجيال بها،و قد يضر ذلك بمصالحهم و بعمق.
و فى المحصلة، اللغة العربية،هي العمود الفقري،الذى يقف عليه جسمنا الوطني المتعاضد،و جدير بنا الاستمرار فى توسيع دائرة حضورها التعليمي و الإداري و الاقتصادي،و لنظر لتجربة بعض الدول فى هذا الاتجاه،مثل تركيا و الصين،فلا يقبلون التعامل فى أي مجال، بغير لغاتهم.
و من زاوية نظرة موضوعية،فلسطوة السوق العالمي إلزاماته و إكراهاته،التى تفرض التحدث بلغته،و فى مقدمة تلك اللغات الحاضرة بقوة اقتصاديا،الانجليزية و الفرنسية و الصينية،على سبيل المثال.
و لا يعنى هذا تجاهل دور تعليم اللغات المحلية فى حفظ تقاليد و ثقافات معينة من النسيان أو الاندثار،و لكن أولوية العربية، بينة فى جمعنا و توحيد صفنا و خدمة مصالحنا فى الوطن العربي،الزاخر بالثروات و المستثمرين،و فى المقابل،أين المصارف و المؤسسات و المحافل الوازنة اقتصاديا،اقليميا و عالميا،التى تشترط الحديث بالسونوكية أو البولارية أو الولفية؟!.
إذن لا داعي للاستفزاز و المبالغة، و لنكن واقعيين متآخين متعاونين،بإذن الله.