يقتضي الرد على هذا السؤال إجراء مزيد من التحليل لتدخل الدولة في آلية تحديد أسعار السلع والخدمات ، ويرجع تدخل الدولة فى الأسعار بصفة أساسية إلى ثالث أسباب هامة , وهى حماية المستهلكين , حماية بعض فئات المنتجين، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب , وخاصة عن طريق ضغط الإستهالك. تجد الدولة فى بعض الظروف أن ثمن التوازن , وهو الذى تفرضه ظروف العرض والطلب , يكون مرتفعا بالنسبة للطبقات ذات الدخول االمحدودة. فتدخل الدولة لا يؤدي إلى تحقيق التوازن التنافسي الذي بموجبه يتحدد السعر الذي يرضي طرفي التبادل؛ وبينما تتاح للمنتجين – في غياب التنظيم والرقابة - أساليب متعددة لحماية مصالحهم بتغيير قواعد السوق.
المتتبع الأسعار المواد الأساسية في بلادنا فى الفتر الأخيرة يلاحظ أنها شهدت إرتفاعا بين 10 إلى 30 بالمئة، رغم تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، جراء تداعيات الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا ،وهذ ما يحتم وضع استراتيجية لضبط الاسعار ، والعمل على استقرارها حتى تستطيع الحكومة ان تحقق استقرار ونموا إقتصاديا وهذا لا ياتى بدون ضبط الاسعار ، وإنطلاق مما سبق فإن تدخل الدولة أصبح ضروريا بعد ان شهدت الاسعار ارتفاعاً جنونياً وبصورة غير مسبوقة بسبب تحكم قلة فى الاسعار .خاصة وان ارتفاع الاسعار واستمرارها لا يقابله ارتفاع فى الاجور مما يحعل المواطن يعانى معاناة شديدة ، وخاصة وان معدلات التضخم فى الاسعار مرتفعة جدا.
وفى الأخير أقترح أن تعمل المؤسسة الوطنية لضبط الأسعار ومنع الاحتكار على تنفيذ الإستراتجية التالية والتي تعتمد على دعامتين: أولهما أن تضمن الحكومة حرية عمل السوق بشكل فعال من خلال التأكد من وجود منافسة قوية تضمن أسعارا معقولة للمستهلك وأرباحا معقولة للمنتج وضمان الحرية الفردية من خلال التشريعات التي تشجع المنافسة وتمنع الاحتكار وتحد من سوء استغلال القوة الاحتكارية للشركات،+وثانيهما: توفير نوع من العدالة الاجتماعية من خلال تعويضات البطالة والتأمينات الصحية ورواتب التقاعد كجزء من نظام متكامل للضمان الاجتماعي. ونظرا للصعوبة في تطبيق هذين المبدأين في آن واحد، فإن المهمة الرئيسية للحكومة هي تحقيق توازن مقبول بين هذين المبدأين.