24 ساعة على بساط الريح.. " لغز إنجيل برنابا"..

رواية "لغز إنجيل برنابا" أهدانيها، في صيغتها الالكترونية، أخ كريم جمعتني و إياه روابط عمل أثناء مرور له طيب بوزارة العدل.

يُحسن بي الأخ الكريم الظن، إذن، متناسيا أن ليس لي من حظ في دنيا الأدب؛ فقد أَتتْ سِنونُ العمل المصرفي ثم الابتلاء بالقضاء، بعد ذلك، على قليل زاديَ الأدبي المفترض. 

لم أقرأ عن رواية "لغز إنجيل برنابا" شيئا من قبلُ، و لم أَتعجَّل فتح الملف المرسل إلي بالواتساب.

و ذات لحظة من لحظات "الزمن الحاضر" وجدتني أضغط على الملف: دَلَفْتُ مُتسلِّلاً أتَهجَّى صفحة الغلاف-الشفق:

محمد السالك ولد ابراهيم
لغز إنجيل برنابا
(رواية
)

 ثم ما لبثت أن نزلت إلى الفصل الأول، متجاوزا صفحات سنة الاصدار و عناوين دور النشر و الفهرس:
  "فيينا-النمساء، الخميس 25 حزيران/يونيو، الزمن الحاضر
الساعة 8:30 صباحا".

كان وقت "الزمن الحاضر" في ساعتي مساء الأربعاء 17 مارس 2021 الساعة الرابعة زوالا، انهمكت في القراءة. يبدو أنني قد وقعت في الفخ!

 لم أتوقف عن القراءة إلا عند إقامة صلاة العصر، ثم عدت بعد انقضاء الصلاة لمواصلة القراءة حتى صلاة المغرب.

 لم أمارس يومها رياضتي المعتادة ما بين العشائين؛ فقد أسرتني الرواية، فواصلت قراءتها بعد صلاة العشاء حتى منتصف الليل تقريبا!

  و في الغداة جعلت منها حصة عملي المكتبي( عملي الخاص طبعا). واصلت القراءة في المكتب حتى الثالثة من زوال نفس اليوم! فأتيت على الرواية ذات ال432 صفحة في 24 ساعة إلا ساعة!

ما سوف أخطه بَعْدُ ليس تحليلا، و لا قراءة نقدية، و لا تقييما لصاحبها؛ فنصيبي من "النقدين" على قدر الحال، كما يقول إخواننا المصريون!

 إنما هي مجرد انطباعات قارئ متواضع الملكات، هزيل الزاد، مُزجىَ البضاعة من طول ما رَانَ على ذوقه من الكشوف، و الأرقام، و البيانات الجافة، و نصوص القوانين، و المذكرات، و العرائض، و الأحكام.... فظن خيرا و لا تسل عن الخبر! 

"لغز إنجيل برنابا"، كما قرأته، ليس مجرد مغامرة متخيلة لتتبع مسار كنز تراثي وطني تعرض للتهريب كحال عشرات الآلاف من المخطوطات و الآثار المُعرَّضةِ يوميا للعدوان و الاتجار بها في أسواق و بزارات المجموعات الإجرامية عبر العالم، بدء من بلاد الرافدين، مرورا بالشام، و أفغانستان و ليبيا، و تونس ،و مالي، وصولا إلى موريتانيا...

كما أنه، أيضا، ليس مجرد بحث عن نسخة يفترض أنها الأصل من إنجيل يعتبر الحلقة الضائعة ما بين الكتاب  المنزل على عيسى، عليه السلام، المبشر برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، صلوات الله و سلامه عليه، و مصدقا لما بين يديه من نفي الألوهية عن المسيح ودحض عقيدة التثليث المكرسة في الأناجيل المُحرَّفةِ.

رواية "لغز انجيل برنابا"، فضلا عن ذلك، هي بامتياز عمل آنتربولوجي، سوسيولجي، اتنولوجي، توثيقي، في قالب استقصائي أخَّاذٍ و آسرٍ، يُفَصِّلُ و يُؤَصِّلُ علاقات تلاقحٍ و تمازجٍ أزلي بين شعوب و أعراق، و ثقافات، ذات ميراث ديني و ثقافي متعدد الأبعاد أفضى لإفراز مجمتمعات بشرية هجينة، مُنصهرة، متفاعلة، اتخذت من المجال الصحراوي اللامتناهي مَفَرًّا، و مستودعا، و حاضنة لتمثلات أنتجت، من بين ما أنتجت، ملامح، و سحنات، و لهجات، و نظم تدبير، و أنساق معرفة، و أدوات إنتاج، و صور اجتماع و ثقافةٍ و إبداع.

رواية "لغز انجيل برنابا"، بهذا المعنى، توثيق لتضاريس و جرد لميراث و آثار أمم خلت وتعاقبت على هذه الأرض؛ فوثقت حضورها رسوما بكهوف و أنماط عيش، و أضراب سلوك و أساليب تعبير.

رواية "لغز انجيل برنابا" خُطَّت و رُسمت بيراع مثقف واسع الاطلاع، غزير الزاد، متمكن من ناصية اللغات العالمية الرئيسية، عالم بأدق تفاصيل الحياة الكونية، من جغرافيا وتاريخ  و تخطيط مدن، و أساليب عيش، و أذواق، و تحولات سياسية و صراعات نفوذ، و عصابات إجرام، و نحل دينية، و عرقية.

و مزاج كل ذلك و مسكه الفوَّاحُ، روح مسؤولية عالية، و وعي عميق بتحديات واقع عالمي تُستنزف فيه مواطن الحضارات الكبرى و يُستفرغ مخزونها العلمي و الفني ليستحيل إلى مجرد مقتنيات في متاحف و مكتبات كبرى في دول لا تجيد، في أغلبها، سوى إنتاج أسلحة الدمار،و خوض الحروب، و تقزيم الثقافات الأخرى تكريسا لتفوقها المادي و إعلاءً لقيم النفع المادية و لغة المال على حساب لغة العقل، و العلم، و العدل!  

رواية "لغز انجيل برنابا"، في جوهرها، ترجمة لتطلعات إنسانية سامية تتوق لنزع فتيل صراع الحضارات و تبصير شعوب الأرض بقوة المشترك الإنساني و وحدة المصير على هذا الكوكب الذي لا يوجد له حتى الآن من بديل!                                                                             

محمد المختار الفقيه

 منقول من صفحته على الفيس بوك

أحد, 21/03/2021 - 16:33