
في رسالة خطية مؤثرة، أعرب ضابط فرنسي كان من بين الغزاة الذين جاءوا لاستعمار موريتانيا عن تعلقه غير المتوقع بالصحراء، حيث أقام في 1922 في منطقة "بور إتيان"، المعروفة حاليًا باسم انواذيبو.
وأكد الضابط في رسالته، الموجهة الي السيد ماركي، أحد قادة قوة المهام الأفريقية، أن جاذبية الصحراء وسحرها الهادئ قد أسرت قلبه وعقله. حيث وصف الأجواء المعتدلة والحياة البدوية الهادئة التي عاشها خلال فترة إقامته، مشيرًا إلى الفارق الكبير بينها وبين حياته اليومية في العاصمة السنغالية دكار، حيث يشعر بالإرهاق من "الرطوبة الخانقة" والمناسبات الاجتماعية التي تفتقد إلى العمق.
وقال الضابط، معبرًا عن سعادته في موريتانيا: "أنا سعيد في هذه الأرض، حيث تحطمت أحكامي المسبقة عن الصحراء، وأصبح لدي شغف لاكتشاف المزيد". وأعرب عن عزمه العودة إلى "أطار"، مؤكدًا على شعوره المتزايد بالانتماء لتلك الأرض، رغم أنه جاء في البداية بنية احتلالها.
وأضاف الضابط في رسالته أن طبيعة الحياة البدوية جعلته يتأمل في جوهر الحياة ومعناها، حيث يختبر حالة من الهدوء والسلام الداخلي في رحاب الصحراء، واصفًا كيف أن أسطورة تفوق الرجل الأبيض تتلاشى في ظل سحر هذه المنطقة الخلابة.
إن تأملاته القوية تعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه الكثير من المستعمرين، معتبرًا أن تجربة العيش في موريتانيا قد غيّرت رؤيته للحياة والمكان، وكشفت له عن بُعد إنساني قد لا يدركه من لم يلتق بالصحراء عن كثب.
تُظهر هذه الرسالة تحولًا غير متوقع في قلوب بعض المستعمرين، حيث يجد الإنسان نفسه مشدودًا إلى جمال وثقافة الأرض التي أتى للاستحواذ عليها، مما يفتح نقاشات واسعة حول التاريخ وعلاقة الإنسان بالبيئة التي يعيش فيها.
مصدر الوثيقة:
الباحث احمد محمود ولد احمدو (جمال)