مستشار وزير الصحة يرد علي اسلمو ولد عبد القادر

قرأت بكثير من الاهتمام التدوينة التي نشرها معالي الوزير الأسبق للصحة والشؤون الاجتماعية السيد إسلمو ولد عبد القادر، والتي تحدث فيها عن تجربة شخصية له مع إحدى المنشآت الصحية الوطنية.
وإذ نعبر لمعاليه عن كامل الاحترام والتقدير، ونثمّن غيرته الوطنية، وحرصه على توجيه الرأي العام نحو ما يعتبره صوابا، فإننا في المقابل نرى من الواجب، بحكم مسؤوليتنا الإعلامية، أن نضع الأمور في نصابها، بعيدا عن التوصيفات المطلقة التي قد تُفهم على غير وجهها.

أولا: قد لا يكون موضوعيا أن نحكم على منظومة بأكملها وعلى سياسة بلد على مستوى قطاع معين بناء على تجربة محدودة في الزمان والمكان وفي منشأة واحدة مهما كانت! 
ثانيا: شهدت السنوات الأخيرة (من أغشت 2019 - الآن) ديناميكية إصلاح شاملة، تُرجمت إلى نتائج ملموسة شملت:
1- مضاعفة التأمين الصحي بنسبة 147% حيث تم توسيعه ليشمل 150 ألف أسرة متعففة، والوالدين، والطلاب ،والأرامل، وذوي الاحتياجات الخاصة، وعمال القطاع غيرالمصنف.
ويجري العمل على  تعميمه على جميع المواطنين بحلول عام 2030.

2- إنشاء وتجهيز عشرات المنشآت الصحية القاعدية والاستشفائية في مختلف الولايات، من بينها توسيعة وتجهيز مركز استطباب التخصصات الذي سأمثّل به هنا، والذي انتقلت طاقته الاستيعابية من 47 - 140 سريرا، وضمت توسعته قسما للحالات المستعجلة وقسما للإنعاش بقدرة استيعابية تبلغ أحد عشر سريرا مع مواصفات عالمية هي الأولى من نوعها في بلادنا. فضلا عن قسم للقسطرة بميزات لم تكن هي الأخرى متوفرة.
وستتعضد هذه الحصيلة في الأفق المنظور بعشرات المنشآت الصحية الجديدة العمل فيها جد متقدم، وببرنامجين طموحين أحدهما لتنمية انواكشوط، والآخر لتنمية الولايات الداخلية. 
أما عن مكونة الصحة ببرنامج انواكشوط فتتمثل في 28 منشأة صحية جديدة ستنضاف إلى 16 منشأة قاعدية تعمل حاليا في انواكشوط.
وسيشكل هذا البرنامج نقلة نوعية في الخدمات الصحية على مستوى العاصمة لأنه سيحول جميع المنشآت فيها إلى عيادات مجمعة توفر مختلف الخدمات الصحية القاعدية، وهو ما سيرفع من جودة الخدمات ويخفف الضغط على المستشفيات.
وأما برنامج تنمية الولايات الداخلية فيتضمن:
 • بناء مركزين استشفائيين و3 مستشفيات مقاطعية.
 • إنشاء 32 مركزا صحيا و204 نقاط صحية.
 • تحويل 16 نقطة صحية إلى مراكز صحية.
 • تأهيل 30 مركزا و54 نقطة صحية.
 • اقتناء 109 سيارة إسعاف جديدة.
وهنا لن أنسى أن أشير إلى توسعة المستشفى الوطني التي من المنتظر تسلمها هذا العام، ستكون بسعة 120 سريرا، وأن تطورا نوعيا في المعدات حصل سأمثّل له انطلاقا من مؤثرين هامين: 
 • ارتفاع عدد سيارات الإسعاف من 70 في 2019 إلى أكثر من 270 حاليا، ويجري العمل على اقتناء 109 سيارات إسعاف جديدة 
 • انتقال محطات إنتاج الأوكسجين الطبي من محطة واحدة عام 2019 إلى 19 محطة مركزية اليوم.

3- ولأن صاحب المعالي سيكون مهتما دون شك بإزاحة الحواجز المالية التي تعيق المواطنين، خاصة الأكثر هشاشة، من الولوج للخدمات الصحية وتقريب الخدمات ذات الجودة منهم، فأزف إليه أنه من بين ما تم في السنوات الأخيرة أيضا: 
 • مجانية الإنعاش والنقل الطبي، والرعاية الصحية للنساء الحوامل.
 • مجانية علاج السل ونقص المناعة المكتسب.
 • مجانية مدخلات التغذية، والتلقيح، وأمراض الكلى، ودعم التكفل بأمراض القلب وأمراض السرطان والملاريا.
 • بدء عمليات زرع الكلى مجانا داخل البلاد وتوفير أدوية المناعة مجانا للمرضى.
 • توسيع نطاق تطبيق مقاربة التمويل القائم على النتائج (مشروع عناية) والتي أصبحت تشمل 9 ولايات (82% من المؤسسات الصحية).
 • إنشاء مؤسسة للعون الطبي الاستعجالي بـ 31 وحدة موزعة في نواكشوط وعلى محاور الطرق الوطنية، ويجري التوسيع ليشمل اترارزة وانواذيبو.
 • تنفيذ المرحلة الأولى بنجاح من خطة التكفل محليا بجميع أمراض العيون التي كانت تشكل 30% من حالات الرفع إلى الخارج.
 -  المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتلقيح (2024–2028) والهادفة إلى تحسين التغطية، وضمان عدالة الوصول إلى خدمات التلقيح، خصوصا في المناطق ذات الهشاشة الصحية.

معالي الوزير هذه أفكار سريعة وغير منظمة بما فيه الكفاية وبعيدة كل البعد من أن تحصر كلما تم في قطاع الصحة خلال السنوات الأخيرة. 
ختاما صاحب المعالي نحن ندرك جيدا أن هناك تفاوتا في الخدمات بين المنشآت الصحية، وأن هناك أوجه قصور، لكننا مقتنعون أن المشاهدات الفردية لا تكفي لتقييم قطاع بحجم الصحة، وأن الانطباعات الشخصية بعيدة من أن تكون أحكاما موضوعية، كما أن القصص التي تروى على ألسنة الغير (قصة الرجل العائد من ريشاتول) يكون لها نصيب وافر من التخييل ومن حرية الراوي في صناعة الأحداث، ولذلك يكون من الأسلم عدم الإطمئنان لها، خاصة في سياق يعمل فيه سماسرة السياحة العلاجية في الخارج كل جهودهم لبناء صور سلبية عن المنظومة الصحية الوطنية، لأن عدم الثقة فيها ينعش نشاطهم ويعود عليهم بالفائدة.

ما نأمله معالي الوزير هو أن تظل تجربتكم الثرية وتقديركم لمتطلبات الإصلاح في دعم مسار التطوير، خاصة في لحظة تحتاج فيها بلادنا إلى بث روح الثقة والمسؤولية في نفوس المواطنين والعاملين في القطاع.

 

أحمد بداه
المستشار الإعلامي لوزارة الصحة

سبت, 19/04/2025 - 19:57