موريتانيا تمنع مليون مهاجر يريدون القدوم إلى جزر الكناري

يبلغ طول حدود موريتانيا 5000 كيلومتر، وعندما يغادر زورق من شمال البلاد إلى جزر الكناري فإنه يقطع مسافة مماثلة لتلك التي سيقطعها لو أنه من تيلدي إلى مدريد. 

تشكل موريتانيا منطقة عازلة جديدة تحول دون الوصول للغرب من ناحيتين: منطقة الساحل ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى. 
جلس لمين خطاري، رئيس مرصد أطلس الساحل وهو أحد أبرز خبراء شؤون الهجرة بشمال أفريقيا في حد الفنادق في نواكشوط يقلب فنجان قهوته بالملعقة وسط صمت طويل قبل ان يبدأ حديثه عبر الفيديو بجملته الأولى: "أكثر من مليون مهاجر غير نظامي في موريتانيا يسعون للوصول إلى أوروبا من سواحلنا عبر الطريق الأطلسي". وعلى المستوى القانوني، تمتلك موريتانيا قانونا صارما لمحاربة المافيا وقانون إقامة يمنع أي مهاجر لا يلتزم بالقواعد الأساسية للتعايش من دخول البلاد لمدة عشر سنوات.

ويعزو خطاري الوصول المكثف للمهاجرين إلى موريتانيا إلى الاستراتيجية الهجينة في منطقة الساحل التي تنتهجها الجماعات الإجرامية المنظمة في إفريقيا لإطلاق أسراب من المهاجرين إلى جزر الكناري على جبهات عملياتية متعددة. 
لكن موريتانيا، الدولة التي منحت روما إمبراطورين، تحارب في البحر وعلى الأرض لمنع المافيا من استغلال الانقسامات الطائفية والعرقية والدينية والمظالم بين المهاجرين عبر الصحراء مع القادمين من جنوب الصحراء الكبرى وباكستان وسوريا وبنغلاديش والهند. 
وتعرف المافيا أن في حالة اليأس هناك أداة قوية لتنفيذ حملة هجينة ذات تداعيات استراتيجية كبيرة.

بالنسبة للمين خطاري، فإن استغلال الهجرة كأداة، إلى جانب التدفق المتزايد للمهاجرين عبر مجموعة من الطرق المختلفة، يمكن أن يساهم في زيادة الضغط على سلطات الدول الأعضاء والإختلال بتوازناتها، لا سيما فيما يتعلق بالموارد القابلة للتوزيع طبقا للجغرافيا واليد العاملة المتاحة وهذا يؤدي إلى مزيد من التعقيدات عند معالجة التهديدات القائمة. وتستخدم الجهات المعادية تكتيكات منها القيام بعمليات الإلهاء داخل الاتحاد الأوروبي، فضلا عن تعزيز الاستقطاب بين المجتمعات من خلال نشر المعلومات الخاطئة والأخبار المضللة. 
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى إرباك الاتحاد الأوروبي وتسهيل تحقيق أهداف الجهات المعادية.

وفي رأيه، تمر موريتانيا بفترة صعبة للغاية بسبب تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من مختلف البلدان الإفريقية. "موريتانيا أصبحت دولة عبور عبر طريق المحيط الأطلسي، وهو أمر خطير للغاية لأنه دليل على ما تستطيع المافيا والجريمة المنظمة أن تفعله في منطقتنا، وقدرتها على جلب المهاجرين والاتجار بهم؛ وكما أقول، لم يعد الأمر يقتصر على المهاجرين الأفارقة فحسب، بل إن هذه الظاهرة تأخذ أبعادا جديدة. 
ويضيف أن “هذا الأمر يجب أن يدق ناقوس الخطر لأننا أمام خطر حقيقي يجب علينا التحرك سريعا في مواجهته وتضافر كافة الجهود الممكنة للتصدي لهذا الواقع الجديد قبل أن يتحول إلى كارثة حقيقية تهدد الأمن والعيش المشترك في موريتانيا” وبطبيعة الحال، في البلدان الأوروبية، وخاصة في إسبانيا، وبشكل أكثر تحديدا، في جزر الكناري، حيث ستعاني من العواقب الوخيمة لهذه المشكلة إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب".

ولب القضية هو أننا بلد يبلغ سكانه 4.5 مليون نسمة وبه 1.5 مليون مهاجر عالقون عبر البلاد، ومركز للاجئين تابع للأمم المتحدة على الحدود يضم 170 ألف لاجئ من مالي. 
وتواجه موريتانيا، التي أبرمت اتفاقيات لإعادة المهاجرين غير الشرعيين مع السنغال ومالي وغامبيا وساحل العاج، تحديا يمكن أن يولد مخاطر على استقرارها المؤسسي بسبب مشاكل الاستقرار الموجودة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر والكاميرون، إذا لم تتسم بالحكمة المتمثلة في معرفة كيفية الجمع بين الحلول بكفاءة لأنها "تضع ضغطا كبيرا على الموارد". 
ولفهم ذلك، يبدو الأمر كما لو أن 15 مليون مهاجر وصلوا إلى إسبانيا بشكل غير قانوني في وقت واحد". "هذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه موريتانيا". وتواجه، بالطبع، مكافحة الظواهر الأخرى المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، مثل الاتجار بالبشر والاتجار بالمخدرات، وهو تهديد يغير حياتنا نحن الموريتانيين، الذين أصبحنا نتعايش مع ممارسات جديدة وأساليب غير مألوفة لدينا وهي مشاكل لسنا مستعدين لها؛ ومثال جدي على ذلك هو موضوع المخدرات: المجتمع الموريتاني غير معتاد على استهلاك المخدرات وهي ظاهرة تتكاثر مع وصول المهاجرين غير الشرعيين.

80% من هؤلاء المهاجرين يصلون إلى موريتانيا بهدف الحصول على ما يكفي من المال للمحاولة؛ ويمكننا القول إن أكثر من مليون مهاجر غير نظامي في موريتانيا يسعون الآن للوصول إلى أوروبا من سواحلنا عبر طريق المحيط الأطلسي وهذا لا يعني أن الجميع يحصلون عليها، ففي معظم الحالات يستغرق الأمر أشهرًا من وقت وصولهم حتى يحصلوا على المال اللازم للرحلة. 
"للأسف، هؤلاء هم الأشخاص الذين يقعون في أيدي مافيا الهجرة غير الشرعية، وعملنا في مرصد أطلس الساحل ينطوي على رفع مستوى الوعي بين ضحاياهم المحتملين من خلال إظهار أهوال تلك الرحلة المميتة والحقيقة إذا تمكنوا أخيرًا من الوصول إلى أوروبا". "، يقول خطاري.

وفي البلد الذي يتوقع صندوق النقد الدولي نموا بنسبة 15% في عام 2025، وهو من أعلى المعدلات في العالم، أصبح المواطن الموريتاني العادي أيضا خائفا ويعيش في حالة من القلق المستمر لأن رؤية الواقع الجديد الذي يواجهه تغلب عليه؛ عندما يبدأ التهديد بوضع القيم الاجتماعية والأمن والمبادئ على المحك، وربما يكون الخوف من فقدان هويتنا كمجتمع هو أكثر ما يجب أن يفتح أعيننا ولهذا السبب فإن إطلاق مرصد أطلس الساحل الذي أرأسه "يشكل مثالا على حالة الوعي والاهتمام المتزايد والقلق إزاء الخطر الذي تمثله الهجرة غير الشرعية".

ويعمل هذا المرصد على معالجة هذه الظاهرة ونريد رفع الوعي لدى المجتمع المدني والمواطنين الموريتانيين “حتى يتمكنوا من مساعدتنا في وضع حد لهذه المافيات المتخصصة في الاتجار بالبشر، والمهاجرين أنفسهم حتى يعوا ويضعوا حدا لهذه الظاهرة. و"تحذير مواطنينا من الأكاذيب الكبيرة التي تخدعهم بها المافيا فيما يتعلق بالفرص والحياة في أوروبا"، يقول ليمين خطاري.
 

ترجمه من الإسبانية:

دداه عبد الله

أحد, 13/10/2024 - 08:10