تكشف تصريحات سيدة الأعمال الامريكية، دانييل سيرياسي، وخروج شركتها نيوفار للاستشارات من موريتانيا عن خلل عميق في التعامل مع المستثمرين. ولقد ظلت وكالة ترقية الاستثمار APIM، التي كان من المفترض أن تلعب دوراً محورياً، سلبية في مواجهة الصعوبات التي تواجه المستثمرين. وبالتالي فان التحقيق المستقل والشفاف وحده القادر على استعادة الثقة والبدء بالإصلاحات اللازمة.
لقد ألقى رحيل شركة نيوفار الاستشارية من موريتانيا والتصريحات المثيرة لمديرتها الضوء على حقيقة كان الكثيرون يعرفونها لكنهم فضلوا تجاهلها.
نعم، تتمتع موريتانيا بإمكانات اقتصادية قوية، لكن تحسين بيئة الأعمال يظل أولوية. فلا ينبغي لنا أن نرفض اتهامات سيرباسي - وخاصة فيما يتصل بفساد بعض المسؤولين - على الفور. واتهامها بتصفية الحسابات من طرف المدير العام المساعد لوكالة ترقية الاستثمار احمد ولد خطري بدلا من أخذ روايتها على محمل الجد والتحقق منها.
ولحد الساعة، اكتفت مديرة وكالة ترقية الإستثمار في موريتانيا، أيسانا لام، بالتعبير عن أسفها واعتذارها.. فدور الوكالة لا يقتصر على الترحيب بالمستثمرين ونشر. مديرتها لصورها مع المستثمرين الأجانب فحسب: بل يشمل أيضًا مواكبتهم ودعمهم بشكل فعال والدفاع عن مصالحهم وضمان بيئة أعمال جاذبة حقًا. ومن الواضح أن أيا من هذا لم تقم به الوكالة منذ إنشاءها فى 2019.
لقد حاول ولد خطري ساعات قليلة بعد تداول منشور دانييل، وهو العارف بشركتها فى فترة توليه ادارة الوكالة، لفت الانتباه عن النقاط الجوهرية والخطيرة التي أثارت المستثمرة الأمريكية وذلك من خلال اتهامها بتصفية الحسابات الشخصية وإثارته لنقاط الضعف الداخلية المزعومة في شركتها "نيوفار."، إن هذه الاستراتيجية الدفاعية ليست عقيمة فحسب، بل إنها تشكل خطرا أيضا على صورة البلد ومستقبل الاستثمار فيه.
لقد كان وزير الاقتصاد والمالية سيد أحمد ولد ابوه، موفقا وذكيا فهم خطورة المسألة. فبإعلانه عن فتح تحقيق، فإنه يعطي للبلد فرصة لاستعادة مصداقيته أمام المستثمرين الأجانب، وهذا التحقيق يجب أن يكون مستقلا وشاملا وعلنيا. وإذا كشف عن وجود اختلالات وتقصير من الوكالة او مسؤولين آخرين فيجب محاسبتهم بصرامة.
موريتانيا لا تعاني من نقص في الأصول. ولكن يتعين عليها اليوم أن تتخذ خياراً واضحاً: حماية المصالح الخاصة أو بناء مناخ أعمال شفاف وتنافسي ويحظى بالاحترام الدولي.
.jpeg)
.jpeg)