
حادثة تسرب الغاز من أحد آبار حقل تورتي بالمياه الموريتانية بعد أقل من شهرين على بدء الانتاج في الحقل، أضفت مصداقية معتبرة للانتقادات التي كان قد وجهتها مجموعة من الخبراء في 2018 لدراسة الأثر البيئي للمشروع التي أعدتها شركة bp دون أن تأخذ الاخيرة تحذيراتهم بالجدية المطلوبة.
فريق الخبراء فى مجال البيئة البحرية ( من بينهم الخبير الامريكي المشهور إريك ستاينر، والهولندية الخبيرة بالبيئة البحرية لموريتانيا صاندرا كولف وآخرين) أشار الى وجود تقديرات وأخطاء جسيمة فى دراسة تقييم الأثر البيئي لعمليات التنقيب والاستخراج فى حقل الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال. معبرين عن قلقهم من المخاطر المدمرة التى ستتعرض لها الثروة البحرية فى المياه الموريتانية على وجه الخصوص جراء بناء المنصات البحرية لاستخراج الغاز فى حقل GTA اذا لم تبادر شركة بريتش بتروليوم الى مراجعة تقييمها للأثر البيئي لعملياتها.
وأكد فريق الخبراء (المكون من عشرة باحثين اميركيين وإسبان وهولنديون وألمان) فى رسالة وجهوها الى شركة بريتش بتروليوم البريطانية الى ان بحوزتهم ادلة قوية على ان النظام البيئي الهش سينهار نتيجة التقييم الخاطئ الذي اعتمدته الشركة فى دراستها والذي هو بحاجة الى التصحيح العاجل.
وأضاف الخبراء بان bp اخطات أيضا فى تفسير المعلومات التي جمعتها الدراسة والمتعلقة بمنطقة خط الأنابيب ومنطقة التدفق المستقبلية. وهو ما سيشكل تهديدا للشعب المرجانية من فصيلة Lophelia والتي تشكل الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة لمجتمعات غرب أفريقيا، وتعد المياه الموريتانية موطنا لأكبر الشعب المرجانية في المياه الباردة فى العالم.
علماء البيئة عبروا عن الأسف للتحليل الضعيف للنظام البيئي السطحي من خلال الدراسة التى اعتمدتها بريتش بتروليوم لتقييم الأثر البيئي والاجتماعي.
فعلي سبيل المثال يعتبر الموقع الذي تم اختياره داخل المياه الموريتانية لبناء المنصة العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ وايضاً موقع خط الأنابيب/التدفق، واقعة داخل المنطقة البحرية الأكثر أهمية لبقاء الأنواع المعرضة للخطر. إذ تعتبر هذه المنطقة منتجعا شتويا أساسياً لمجموعات كبيرة من الطيور الساحلية والطيور البحرية، وفى حالة حدوث تسرب ستكون تلك الطيور والكائنات البحرية عرضة للخطر، اذ ان 30% من الطيور البحرية Morusbassanus تهاجر من الجزر البريطانية الى السواحل الموريتانية شتاء. كما أظهرت الأبحاث الحديثة ان المنطقة تستضيف مجموعات هامة من الطيور من مناطق شبه القارة القطبية الشمالية وتستخدم هذه الطيور المهاجرة المرتفعات على طول الجرف القاري الموريتاني كموقع تغذية موسمي.
وأوصى الخبراء السلطات الموريتانية والسنغالية برفض النظر فى أية مشاريع مقترحة من طرف الشركات النفطية حتى تقوم بسحب تقييم الأثر البيئي والاجتماعي وإعادة الدراسة وفقا للمعايير والمعارف العلمية فى المجال بشكل يضمن حماية الثروة البحرية ويمنع التلوث البيئي.
تقاعس الجانب الموريتاني
على اثر الانتقادات الواسعة التى عبر عنها خبراء البيئة،
طلبت الحكومة السنغالية دراسة مضادة بشأن نجاعة تقييم الأثر البيئي والاجتماعي لعمليات استخراج الغاز ومخاطر ذلك على الثروة البحرية وتلوث الأسماك فى مياهها الإقليمية .
في 28 سبتمبر 2018 وجهت وزارة البيئة السنغالية رسالة الى اللجنة الهولندية للتقييم البيئي طلبت فيها رأيا مستقلا بشأن نجاعة الاستراتيجية البيئية المقدمة من طرف تكتل شركات النفط بقيادة بريتش بتروليوم.وتقييمها للمخاطر الناجمة عن استخراج الغاز وخطط الحماية والاستجابة المقترحة من طرف bp.
فى موريتانيا، قدمت بريتش بتروليوم دراسة تقييم الأثر البيئي الخاصة بموريتانيا الى إدارة المراقبة البيئية بوزارة البيئة للموافقة، والأخيرة لم تعلن عن طرح الموضوع للنقاش العمومي ولم تطلب رأي مكاتب الخبرة الدولية.