الديموغرافيا في موريتانيا، بين الوهم واللبس

يتضح من الإحصائيات الاستعمارية أن البيظان كانوا الأكثر عددًا بين جميع المجموعات العرقية الأخرى في البلاد. ومع ذلك، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى أنكرت القيادة السياسية للأفارقة هذه الأغلبية.
ومع ذلك، فإن نفس الأشخاص هم الذين قالوا قبل بضع سنوات: “إذا تم تطبيق القاعدة الديمقراطية، التي بموجبها تفرض الأغلبية العددية قانونها على الأقلية... يمكن للأغلبية العربية، في بعض المجالات المهمة، فرض إجراءات من شأنها الإضرار بالأقلية السوداء (مختار ولد داداه، ص 287).
وسواء كان البيظان أغلبية أو أقلية، فإن هذا الجدل حول الأحجام الديموغرافية العرقية لن ينتهي أبداً، خاصة وأن الحراطين التابعين لحركة "ارا" استخدموا نفس الحيلة الدعائية لإعلان أنفسهم أغلبية.
على أي أساس؟ هل لديهم أرقام موثوقة من تعداد سكاني منظم من طرف مؤسسة معتمدة؟
لا شيء من ذلك. مجرد عدوى. في أعقاب التواطؤ بين حركة "افلام" وحركة "ارا"، تحاول جماعة من الحراطين الآن احداث هوية خاصة بالحراطين، بالاعتماد على ديموغرافيا وهمية عالية لتبرير تطلعها إلى الحكم.
ورغم أن الحكومة الموريتانية لا تكشف عن إحصائيات عرقية، وفقا للتقاليد الفرنسية، من أجل حماية مواطنيها من أي محاولة عنصرية، إلا أن هناك إحصاءات جادة توفر إحصاءات دقيقة لكل مجموعة عرقية وطنية. على سبيل المثال، كشف مسح استعماري أجري عام 1932 عن وجود نسبة عالية من السكان العرب، وقد زادت هذه النسبة بشكل كبير بعد ضم الحوضين في يوليو 1940. وفي عام 1977، أجرى إقنيقونقبا مسحًا جديدًا لتأكيد التفوق العددي للبيظان في كتابه "الخصوبة والعرق في موريتانيا".
وفي الوقت الحالي، على المستوى الانتخابي، يشكل العرب الأغلبية في كل مكان، باستثناء عدد قليل من مقاطعات الضفة بالإضافة إلى الرياض والدائرتين الخامسة والسادسة في نواكشوط.
إذا لم يكن الأمر كذلك، فهل يستطيع القوميون البولار الاستيلاء على الحكم في موريتانيا وجعلها أول دولة بولارية في أفريقيا؟
ومن ناحية أخرى، هل سيوافق البيظان على التنازل عن السلطة لصالح حركة "ارا"، على أسس فئوية؟
وفي حال حدوث ذلك، وهو أمر مستبعد للغاية، فهل سيقف الصحراويون والأزاواديون مكتوفي الأيدي، نظرا ان فرنسا أبعدتهم عن "خيمتهم الكبيرة"؟

اعل ولد اصنيبه

جمعة, 16/05/2025 - 14:47