إنه لمن المستفز لو شغلتكم بحديث معاد عن خطر الفساد والمحسوبية وعن سرطان تدوير المفسيدين وعن خيبة إعادة الثقة بمن تمت إدانتهم بالفساد ، ولكني سأحاول في هذه السطور ، بحول الله ، أن أكتب لكم عن جانب من استراتيجية الحرب على الفساد أراه مهما في بلدي .
اهتم المدرس لأمر تلميذه النابه وأعُجب التلميذ بمدرسه المتميز ومضت أعوام صار فيها المدرس وزيرا للتربية و للثقافة لاحقا في بلده السينغال ثم مديرا عاما لليونسكو وتقلد خلالها التلميذ عدة وظائف منها إدارة المراسيم في بلده موريتانيا وقبلها السفارة في مصر أيام عبد الناصر .
حين اشترى عثمان رضي الله عنه بئر رُومة وجهز جيش العسرة اتضحت ملامح النهج الذي يجب على كبار التجار المسلمين الأثرياء السير فيه ، نهج معالمه ما ينفع الناس ويمكث في الأرض .
أسند رأسه إلى حائط ما ، كأنه طفل أنهكه الجري أثناء فسحة مدرسية ، لكنه ليس طفلا وليس شابا - على الأقل حسب البنك الدولي - بل هو على أعتاب الأربعين .
ذكّره العابرون لأرصفة الغربة بفوضى طالما عاش تفاصيلها .
تكاثرت عليه الذكريات فابتسم كي لايبك !
حين اجتث " Paul Bremer " كوادر حزب البعث الاشتراكي من دوائر السلطة في العراق بعد سقوط بغداد صارت سياساته مضرب المثل في الفشل وحين نكل أصحاب الرايات السود من بني العباس بكل ماهو أموي لم تستقر دولتهم إلا في عهد أبي جعفر المنصور بعدما اكتسب العاملون في الدواوين وحكام الأمصار خبرة في الحكم .
لف الأصيل عباءته حول الكثبان الرملية شمال نواكشوط فتلونت بلون الذهب بينما احْمَرّتْ وجنتا حفرة الجمر الصغيرة خجلا من قبلات الرياح ، وآن أوان شاي الذهبي .
ناولني صاحبي كأس شايه الأول مرفقا بسؤال عن الحكومة الجديدة !
في تلك الساعة التي يستيقظ فيها النساك لقيام ليلهم ويصل فيها الفجار إلى ذروة مجونهم كانت شوارع وأزقة نواكشوط تحتفي بالوافد الجديد .
بالطبع لم يكن مطر العاصمة كمطر عيني محبوبة الشاعر الأموي الذي يزعم بعض الرواة أنه الخليفة يزيد بن معاوية تلك العينان اللتان قال عنهما شاعرهما :
وأمطرت لؤلؤًا من نرجس وسقت ::