
بلغت الوحشية الصهيونية بحق اهالي قطاع غزة حداً يفوق كل التصورات وفوق طاقة البشر وتجاوزت كل الخطوط بكافة الوانها, ارهاب صهيوني دموي رهيب مسبق الاعداد والتخطيط يودي بحياة العشرات من الابرياء يومياً غالبيتهم من الاطفال والنساء والمسنين, تدمير البيوت والمباني يومياً على من فيها, تدمير المستشفيات واماكن الايواء ودور العبادة, حتى المقابر لم تسلم من هذه الوحشية.
مئات ان لم يكن آلاف الطائرات الحربية والاستخبارية الصهيونية والامريكية والبريطانية والفرنسية والالمانية وغيرها تغطي كل سنتيمتر مربع من سماء قطاع غزة على مدار الساعة بل على مدار الدقيقة وحتى الثانية, وهذه الطائرات تنشر الموت والقتل والدمار والخوف والهلع والفوضى والضجيج والازعاج بين المدنيين الابرياء في كل بيت وزاوية وزقاق وشارع وحارة وقرية ومدينة في قطاع غزة المكلوم, فجأة وبدون سابق إنذار ينهار البيت على من فيه وفي غمضة عين يتحولون الى دخان ودماء واشلاء تختلط بالركام وفجأة يتحول المستشفى الى مقبرة وفجأة يتحول المأوى الى محرقة....هذا هو المشهد وواقع الحال اليوم في قطاع غزة....!!!!
كل ما يتحرك على اي بقعة من قطاع غزة معرض للقتل والقصف والسحق في اي لحظة, الارهابيون الصهاينة نشروا القتل والرعب في كل مكان في القطاع, حتى الهواء هناك لوثوه بالموت والرعب, اهل القطاع يودعون بعضهم عند النوم (في حال امكنهم النوم من شدة الخوف والهلع وضجيج الطائرات وقصف الدبابات والمدافع) حتى انهم يودعون من يذهب منهم لقضاء حاجته...!!!
شدد الارهابيون الصهاينة الحصار الظالم الذي كانوا قد فرضوه على قطاع غزة منذ حوالي عقدين من الزمن, وعزلوا تماماً من بقي على قيد الحياة من اهالي القطاع عن العالم, قطعوا عنهم الكهرباء, ومنعوا عنهمكل شئ ولو كسرة خبز او حفنة حليب او حبة دواء او قطرة ماء, بدون ادنى مبالغة, فاهل غزة في مجاعة بمعنى الكلمة, المواليد والرضع يموتون لهزال الامهات وجفاف اثدائهن لانعدام ما يمكن ان يقتاتن به, والاطفال يعانون هزالاً شديدأ قتل البعض منهم, وأهلهم يتضورون جوعاً ولا يقوى الكثير منهم على صلب طوله وبعضهم يتساقطون اثناء السير في الشوارع والطرقات لشدة ضعف اجسامهم لعدم توفر اي نوع من الطعاموبعضهم يموتون كمداً وقهراً لعجزهم عن تأمين احتياجات أطفالهم, وكبار السن واصحاب الامراض المزمنة يموتون لعدم توفر العلاج اللازم او جوعاً.
المجرم نتنياهو وشركاؤه من الارهابيين البرابرة رفضوا ويرفضوا كل المبادرات والنداءات والاستغاثات لمجرد ادخال اغاثات وادوية ومساعدات للاطفال والنساء كبار السن والمرضى.
حتى انهم يرفضوا الاستماع الى اصوات من داخل كيانهم الغاصب, بل من اصوات ضباط جيشهم الارهابي المجرم, فهيئة البث الصهيونية نقلت الجمعة 16 مايو الجاري عن مسؤلون عسكريون صهاينة تصريحأ يشير الى اصرار نتنياهو وعصابته الارهابية في استمرار حرب الابادة في غزة بدون مبرر جاء فيه: "تم الحسم العسكري في غزة ولا يوجد ما يمكن تحقيقه عسكرياً اضافة الى ذلك، وإصدار المستوى السياسي الأوامر باستمرار القتال يعني فشل القيادة في تحويل الانجازالعسكري الى انجاز سياسي".
نعم, ولعل من ابرز علامات هذا الفشل: عدم زيارة ترامب للكيان ضمن جولته الأخيرة, وهناك التفاوض الامريكي اليمني والاتفاق مع الحوثيين على وقف اطلاق بين الطرفين رغم استمرار اطلاق الصواريخ اليمنية على الكيان, وكذلك تواصل فريق ترامب مباشرة مع حماس واتفاقه حول اطلاق الجندي مزدوج الجنسية عيدان إسكندر.
وهناك ايضاً سحب حاملة الطائرات هاري ترومان من المنطقة بدون استبدالها بإخرى تزامناً مع استمرار اطلاق الصواريخ اليمنية على الكيان والتي كانت الحاملة ترومان وما يرافقها من قطع بحرية تعترض الكثير منها، وهذا تطور ملفت يحدث للمرة الاولى منذ اندلاع الحرب على غزة منذ اكثر من عام ونصف, وهذا يعني ايضاً سحب الحماية الامريكية لظهر اسرائيل عسكرياً امام عدة جبهات مثل الجبهة اليمنية وجبهة ايران وجبهة مصر التي حاول الصهاينة تسخينها في الأسابيع الاخيرة في ابتزاز واضح للأمريكيين ومحاولة جرهم للتورط فيها.
وفي السياق نفسه, لكن هناك اخرون يرون ان سحب الحاملة جاء بعد ان تغير الوضع الاستراتيجي في المنطقة، وتقلص حجم الخطر على الكيان الذي كان يبرر وجود الحاملة بعد تحييد خطر حزب الله والنظام السوري السابق شمالاً وتقلص خطر حماس الى حد كبير جنوباً بعد كل الدمار الهائل الذي لحق بمعقلها بقطاع غزة، ولعل هذا ما يفسر عدم خنوع نتنياهو تماماً للرئيس ترامب وخصوصاً في شأن وقف النار في غزة او في ملف التطبيع مع دول عربية مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية في الضفة وغزة.
ومن علامات فشل القادة الصهاينة في ترجمة الانجازات العسكرية الى انجازات سياسية اختيار ترامب لمسار التفاوض مع ايران حول ملفها النووي على عكس ما يرغب نتنياهو وحكومته المتطرفة, ناهيك عن التصريحات المبطنة التي يغمز بها المسؤولين الامريكيون وفي مقدمتهم الرئيس ترامب هذه الايام, وبعضهم لمح الى ان نتنياهو يفضل الاتفاق مع بن غفير وسموترتش على الاتفاق مع اي طرف اخر حتى لو كان اتفاقاً يعيد أسراهم لدى حماس,
بالفعل بات واضحاً للعيان ان استمرار الحرب والتفنن في قتل اهل قطاعغزة والتنكيل بهم هو الخيار الافضل لنتنياهو وعصابته الارهابية, هؤلاء الوحوش الارهابيين القتلة أدمنوا القتل وارتكاب المجازر وعشقوا اراقة الدماء ونشر الدمار والموت, هم بابرة يعتنقون شريعة الغاب, مشبعون بالكره والحقد والغل على كل من هو غيرهم, لا يأبهون بحياة البشر وأعداء التحضر والتقدم والزدهار, يرفضون الآخر ولا يؤمنون الا بعنصريتهم وبني جلدتهم دون سواهم, ويتنكرون لكل القيم والاخلاق والمبادئ الانسانية والشرائع والقوانين الدولية.
وقف الحرب يعني ببساطة نهايتهم سياسياً وخروجهم بلا رجعة من المشهد السياسي وخصوصاً نتنياهو الذي في حكم المؤكد إدانته في تهم الفساد والرشوة وخيانة الامانة الموجه إليه وبالتالي دخوله السجن وهذا ما يرجحه جميع المراقبين تقريباً، هذا بالإضافة الى التحقيقات المتوقعة والتي ستشير الى تقصيره عن ما حدث في السابع من اكتوبر والاتهامات الموجهة اليه من عدة جهات أمنية صهيونية له في هذا الشأن بالاضافة اتهامه التواطؤ مع حماس بما في تمويلها وتسمينها.
نتنياهو سيدخل التاريخ اليهودي كأفشل رئيس وزراء في تاريخ الكيانالصهيوني رغم انه احتفظ برئاسة الحكومة لاطول مدة بين اقرانه السابقين, وسيدخل التاريخ بأنه رئيس الوزراء الوحيد الذي عاش اليهود في عهده أكبر مأساة في تاريخهم بعد التي فعلها بهم الالمان اثناء الحرب العالمية الثانية (الهولوكوست), نتنياهو لديه حساسية مفرطة تجاه التاريخ كون والده بن صهيون ميكلوفسكي (وهذا اسمه الحقيقي قبل تغييره لنتنياهو) مؤرخ مختص في التاريخ اليهودي المعاصر ومقرب جداً من زئيف جابوتنسكي اكبر ارهابيين الحركة الصهيونية واشدهم تطرفاً وقسوة على الاطلاق, لعل هذا الامر ما يفسر غلو نتنياهو في الاجرام والدماء وكل هذه القسوة والوحشية التي ورثها من ابيه وعرابهما جابوتنسكي, مما يجعل امر ضرورة ازالة هذا العار التاريخي من سجله مسألة حياة او موت بالنسبة له كما يظن من خلال الامعان في القتل والتدمير وارتكاب المجازر.
اما اعضاء عصابة الارهابيين الاخرين في الحكومة المتطرفة، فنهاية الحرب تعني نهاية هذه الحكومة وبالتالي اندحار اليمين الأشد تطرفا وتهميشه ومعظم استطلاعات الرأي تشير عدم حصول حزبي سموترتش وبن غفير نسبة الحسم اي انهما لن يدخلا الكنيست أصلاً بالتالي سيفقدا نفوذهما وامتيازاتهما بكل ما يعنيه ذلك من تهميش واندحار.
الولايات المتحدة واسرائيل لديهما الاف مراكز الأبحاث والدراسات المسحية, ويتم تكريس معظم جهود هذه المراكز لمراقبة توجهات الرأي العام في مختلف بقاع العالم وخصوصاً في العالم العربي، وأغلبمخرجات هذه المراكز توحي الى استساغة وتعايش معظم دول العالم بما فيها بعض العرب مع ما يجري في غزة من جرائم إبادة جماعية مستمرة على مدار اليوم والليلة هناك، ولعل هذا ما يعتبر ضوء اخضر وأكبر مشجع لعصابات الإجرام الصهيونية للاستمرار في ارتكاب المجازر والإبادة وتنفيذ مخططات التهجير بالحديد النار, وصولاً الى اخر مخططاتهم الاجرامية ما يطلقون عليه مركبات جدعون، وهذا مصطلح تلمودي عرقي عنصري مقيت يحث وفقاً لخرافاتهم "شعب الله المختار اليهود الاخيار" على الاقتداء باليهودي جدعون الذي سحق وأهلك الأغيار (غير اليهود) وتقرب الى الرب بمحوهم عن بكرة أبيهم كبيرهم وصغيرهم ذكرهم وانثاهم وحجرهم وشجرهم وطيرهم ودوابهم بمعونة الرب وفقاً لروايتهم التلمودية...!!!
عصابات اليمين الارهابية الأشدّ تطرفا في تاريخ الكيان الصهيوني ترى ان هذه الحرب هي الفرصة الذهبية لتحقيق تلك الخرافات التلمودية العرقية العنصرية وبعضهم يرى في ذلك تصحيحاً لخطأٍ تاريخي من وجهة نظرهم ارتكبه بن غوريون بان سمح ببقاء بعض الفلسطينيين في ارضهم مما تسبب بمعضلة تؤرقهم حالياً وهي تفوق الفلسطينيين عددياً على عدد اليهود في فلسطين، وهذا ما يجعل الهدف الاستراتيجي لهؤلاء المتطرفين من وراء الحرب هو تحقيق تفوق ديمغرافي يهودي في فلسطين التاريخية بانقاص عدد الفلسطينيين بتهجير الكثير منهم خارج فلسطين وايضاً توسيع حدود اسرائيل ما امكن، بضم قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس واجزاء من سوريا اكبر من ضعفي قطاع غزة وجزء من لبنان على طريق "دولتهم الكبرى من النيل الى الفرات كما بات يصرح علناً اعضاء بارزين في حكومتهم، الخطير ان العالم يستسيغ هذا ويتغاضى عنه, بل هناك من يوافق عليه يدعمه.
اخر الكلام:
زيارة ترامب الاخيرة للمنطقة لم تسفر عما يستحق الاشارة اليهفلسطينياً رغم نجاحها المدوي خليجياً, وكذلك قمة بغداد لم تسفر عن اي جديد يمكن ذكره وإن لفت الانظار دعوة بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الاسباني الذي كان قد اطلق على دولة الكيان الصهيوني قبل يومين امام برلمان بلاده صفة "دولة الابادة الجماعية" الى القمة والقائه كلمة امامها فاقت حدتها حدة جميع الكلمات الاخرى التي شهدتها القمة ودعا خلالها سانشيز الى توسيع الاعتراف بحل الدولتين ودعم الجهود السعودية الفرنسية لدعم هذا الحل في مؤتمر نيويورك الشهر المقبل, وتضمنت كلمته بنود عملية ابرزها ان بلاده ستمارس ضغطاً كبيراً على الكيان الصهيوني لوقف جرائمه في قطاع غزة, وعزم بلاده بالتعاون مع فلسطين التقدم بمشروع قرار للامم المتحدة لانهاء حصار قطاع غزة ووقف دوامة الدماء,وحث الامم المتحدة بطلب الى المحكمة الدولية لاستكشاف مدى تجريم عدم امتثال الكيان الصهيوني للقانون الدولي بعدم الوفاء بالتزاماته الدولية فيما يتعلق بوصول المساعدات لاهالي قطاع غزة بصفته قوة احتلال, وتجدر الاشارة الى ان اسبانيا التي انضمت الى الدعوة التي قدمتها جنوب افريقيا ضد الكيان الصهيوني امام محكمة العدل الدوليةبتهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية قامت ايضاً بالغاء علاقاتها التجارية وتسليحية مع هذا الكيان والغاء عدة صقفات واتفاقات كانت قد عقدتها معه في هذا المجال.
كما كان ملفتاً ايضاً رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى القمة التي دعا خلالها الى قمة روسية عربية في منتصف اكتوبر القادم.
واخيراً, العالم كله عربه وعجمه خذل شعب قطاع غزة الاعزل الذي كل ذنبه انه يطالب بالحرية, ولكن لن يضرهم من خذلهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما علمنا التاريخ ان كل شعب ناضل من اجل الحرية لابد ان ينالها يوماً, مهما طال الظلم والظلام.
د. سمير الددا