
تنشر قطع لبلاستيك في كل بقعة ومكان ،لكن مع مدي انتشارها و توسعها ،خلقت مشاكل بيئية كبيرة ،وشكلت خطرا علي البيئة بشقيها البري والبحري،فحسب أرقام برنامج الأمم المتحدة للبيئة فإنه في كل يوم، يتم إلقاء ما يعادل 2000 شاحنة قمامة مليئة بالبلاستيك في محيطات العالم، وأنهاره، وبحيراته.
وحسب نفس البرنامج في كل عام، يتسرب ما بين 19 الي 23 طن من النفايات البلاستيكية إلى النظم البيئية المائية، مما يؤدي إلى تلويث البحيرات والأنهار والبحار.
في هذا المقال سنحاول إسقاط هذا الإشكال علي البيئة الموريتانية،محاولين تشخيص الواقع البيئي الموريتاني و إشكالات التلوث لبلاستيكي في البلد وتأثيره على البلد.
لا توجد أرقام دقيقة عن انتشار لبلاستيك في موريتانيا،لكن الواقع يتحدث عن انتشار كبير للمواد لبلاستيكية بكل أنواعها،فالشاطئ الموريتاني يُعاني من انتشار هذه المواد الضارة علي البيئة البحرية،فعوامل منها الرياح،عادة ما تكون سببا في إيصال المواد لبلاستيكية الملوثة للبيئة الي الشواطئ،فتتأثر الكائنات البحرية عن طريق ابتلاع هذه المواد،مما يؤدي الي موتها وأحيانا تُصبح هذه المواد جزءا طارئا من السلسلة الغذائية للكائنات البحرية،ما يُخلفه ذلك من اضطراب في النمو و التكاثر لهذه الكائنات البحرية، الشيء الذي يؤدي إلى تغييرات كبيرة تجعل التكيف أكثر من صعب على هذه الكائنات البحرية.
لعل استحداث آلية بيئية لمواجهة الزحف المستمر لقطع لبلاستيك.
إن التلوث البلاستيكي يشكل تهديدًا متزايدًا للبيئة؛ مما يؤثر في النظم البيئية، والتنوع البيولوجي، والمناخ، وصحة الإنسان، الأمر الذي يؤدي إلى جملة من العواقب على النمو الاقتصادي المستدام، ورفاهية الإنسان. ومع استمرار غياب التدابير والإجراءات الرقابية المدروسة والفعالة، فإنه من المتوقع أن يتضاعف التلوث البلاستيكي ثلاث مرات بحلول عام 2060، فضلًا عن تضاعف النفايات البلاستيكية المتسربة إلى المحيط ثلاث مرات بحلول عام 2040، وفقًا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2023، وهو ما يستدعي تضافر الجهود لتسهيل الانتقال إلى استخدام أكثر استدامة للبلاستيك.
إن التلوث البلاستيكي يعتبر أحد أكبر التحديات البيئية التي يواجهها العالم؛ نتيجة ارتفاع معدلات تلوث البيئة بالبلاستيك، بالإضافة إلى عدم التخلص منه بشكل آمن، وقد حدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة تعريفًا للتلوث البلاستيكي على أنه يشمل الآثار والانبعاثات السلبية الناتجة عن إنتاج واستهلاك المواد والمنتجات البلاستيكية طوال دورة حياتها بأكملها، كما يشمل هذا التعريف النفايات البلاستيكية التي تتم إدارتها بشكل سيئ، وتسرب وتراكم الأجسام والجزيئات البلاستيكية التي يمكن أن تؤثر سلبًا في البشر والبيئة الحية وغير الحية.
في بلدنا تتعدد مصادر النفايات لبلاستيكية فمنها: التعبئة والتغليف، التصنيع، البناء، الزراعة، صيد الأسماك،،والسياحة الشاطئية.
أرقام أممية حديثة تُفيد أنه من بين 7 مليارات طن من النفايات البلاستيكية المُنتجة على مستوى العالم حتى الآن، تمت إعادة تدوير أقل من 10% فقط، وينتهي الأمر بملايين الأطنان من هذه النفايات في البيئة، أو يتم شحنها آلاف الكيلومترات إلى وجهات ليتم حرقها، أو دفنها بشكل غير مستدام، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التكاليف الاقتصادية للتلوث البلاستيكي، حيث تتراوح قيمة التكاليف الاقتصادية للتلوث البلاستيكي بين 300 إلى 600 مليار دولار أمريكي سنوياً، وتؤدي النفايات البلاستيكية المنتشرة على نطاق واسع إلى أضرار تلحق بالنظم البيئية وصحة الإنسان.
إن التلوث لبلاستيكي يُسبب العديد من الإشكالات الكبيرة والمعقدة وهائلة،لعل أهمها يتمثل في:
-التنوع البيولوجي: يُؤثر التلوث البلاستيكي بشكل سلبي في التنوع البيولوجي، حيث يتسرب ما يُقدَّر بنحو 19 إلى 23 مليون طن من البلاستيك إلى النظم البيئية المائية سنويًّا، الأمر الذي يؤدي تأثيرات كبيرة علي الكائنات الحية في البحار والأنهار، وعلى الأرض.
-أزمة المناخ: يُعد إنتاج البلاستيك أحد أكثر عمليات التصنيع استهلاكًا للطاقة في العالم، وهو ما يمثل مشكلة عندما يتعلق الأمر بتحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية. ومع تزايد استخدام المواد البلاستيكية والنفايات، من المتوقع أن تتضاعف هذه الانبعاثات ثلاث مرات من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2060، أي ما يعادل 4.5% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.
-صحة الإنسان: يمكن أن تدخل المواد البلاستيكية الدقيقة الي الجسم عن طريق الاستنشاق والامتصاص عبر الجلد، وتتراكم في أعضاء جسم الإنسان. كما ترتبط بعض المواد الكيميائية الموجودة في المواد البلاستيكية الدقيقة بآثار صحية خطيرة، وقد توصل علماء البيئة والصحة الي روابط بين التعرض للمضافات الكيميائية المتسربة من البلاستيك وبين الإصابة بالسمنة والسكري والسرطان.
وكتوصيات نستحضر هنا بعض النصائح التى تساعد على الحد من التلوث لبلاستيكي من خلال الحد من استخدام المواد لبلاستيكية ،سنقدمها للقارئ الكريم بختصار و منها:
1 اختيار أكياس التسوق القابلة لإعادة الاستخدام: قبل الذهاب الي التسوق الصباحي يكون في منازلنا أكياس أو علب قابلة لإعادة الاستخدام عند التسوق لتجنب استخدام الأكياس البلاستيكية ذات المرة الواحدة.
- استخدام زجاجة مياه قابلة لإعادة التعبئة: احمل زجاجة قابلة لإعادة الاستخدام بدلاً من شراء المياه المعبأة في العبوات البلاستيكية.
- اختيار حاويات طعام قابلة لإعادة الاستخدام: بدلاً من الأغلفة البلاستيكية أو الأكياس التي يمكن التخلص منها.
- استخدم القماش أو أكياس المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام: بدلاً من الأكياس البلاستيكية خاصة بالنسبة للفواكه والخضروات.
- اختيار بدائل غير بلاستيكية دائماً.
- تجنب المنتجات المعبأة بالبلاستيك
- نشر الوعي وتثقيف الآخرين: حول تأثير التلوث البلاستيكي على المحيطات.
- التخلص من النفايات البلاستيكية بشكل صحيح
ومن أجل ختام هذا المقال نستعرض بعض الإجراءات الملحة التى يجب علي الجهات الحكومية القيام بها،بأسرع وقت ممكن وهي:
- وضع استراتيجية وطنية للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية، لتخفيض استهلاك الكياس البلاستيكية، والتوعية بأهمية تخفيض استهلاكها.
- وضع هدف استخدام 10أكياس بلاستيكية للفرد سنويا في أفق الأعوام 2025-2030.
- تعزيز السياسات المحلية لمعالجة استخدام المواد البلاستيكية.
- دعم إزالة الكربون الناتج عن دورة حياة البلاستيك.
- تعزيز الابتكار في مجال إنتاج البلاستيك وإدارة النفايات
- مراجعة الإطار التشريعي: و سن قانون تنظيم إدارة المخلفات لبلاستيكية.
- العمل المؤسسي من خلال انشاء مجلس إدارة نفايات في كل ولاية و ضمان القيام بالتنسيق اللازم و احترام النظم البيئية العالمية.
ختاما لا يُمكننا تصور حجم الضرر الذي تخلفه النفايات لبلاستيكية إلا إذا نظرنا الي استراتيجيات الدول والبلدان المتقدمة و نُشير هنا أن نقل هذه النفايات ، مايزال بدائياً و ضار حيث تتطاير الأجسام لبلاستيكية في الشوارع و علي الأرصفة بين المدينة و المكب خارج العاصمة، وما لذالك من تأثير كبير ،يتطلب ذالك إلزام الشركات المسؤولة عن النظافة اقتناء معدات متطورة ،و مؤهلة لنقل النفايات بشكل صحيح حفاظا على البيئة.
محمد عينين احمد
رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة و الصحة المهنية و المحافظة على البيئة