ترهات ترامب.. تفتقر للعقل والمنطق والاخلاق

شغل دونالد ترامب العالم بتصريحات مثيرة للقرف والجدل والاستغرابقبل مباشرة مهامه رسمياً رئيساً للولايات المتحدة, الرجل اعتبر نفسه أنه الحاكم بأمره لكل هذا العالم وكأنه فرعون هذا الزمان, فبدأ ترهاته قائلاً انه يريد ضم كندا والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 40 مليون نسمة وتبلغ مساحتها حوالي 9.985 مليون كيلومترمربع وهذه تزيد عن مساحة الولايات المتحدة نفسها البالغة 9.833 مليون كيلومتر مربع, كما قال انه يريد الاستيلاء على غرينلاند اكبر جزيرة في العالم والتي تقدر مساحتها بحوالي 2.2 مليون كيلومتر مربع وتتبع الدنمارك, وقال كذلك انه ينوي الاستيلاء على قناة بنما التي تصل بين المحيطين الاطلسي والهادي والتي تخترق اراضي دولة بنما بطول 82 كيلومتر, كما قال ايضاً انه يريد تغيير اسم خليج المكسيك الذي يحمل هذا الاسم منذ عام 1672 ميلادي اي قبل ولادة الولايات المتحدة بأكثر من مائة عام, وتطل على هذا الخليج بالاضافة الى الولايات المتحدة كلاً من كوبا والمكسيك والاخيرةتملك اطول سواحل على الخليج بواقع اكثر من 2800 كيلومتر, اي اطول بحوالي 100 كيلومتر من الشواطئ الامريكية على نفس الخليج.

وفي سياق هرطقاته التي لا منطق لها وتفتقر للواقعية قال أنه تحدث مع ملك الاردن والرئيس المصري وذلك للسماح بهجرة فلسطينيي قطاع غزة الى كلاً من الاردن ومصر والبانيا واندونيسيا وغيرها وذلك للتخفيف من معاناتهم ولاعادة الاعمار حسب زعمه, وكان الرجل يتكلم بلهجة سمسار يسوق قطعة ارض بغية الحصول على افضل ثمن.

كان واضحاً من نبرة صوت الرجل والكيفية التي القى بها هذه الكلماتانه جاهل جهلاً مطبقاً بطبيعة وحقيقة ما يجري  في فلسطين عموماً ولا اظن انه خطر بباله ان قطاع غزة الذي يتحدث عنه انه "وطن" لشعب ضحى بالغالي والنفيس فداءاً له ومستعد لتقديم ما لا يمكن ان يتوقعه ترامب او غيره من اثمان وتضحيات للتشبث بوطنه والبقاء على ارضه, وقد برهن على ذلك وشاهد العالم كله طيلة الاشهر الخمسة عشر ماضية جسامة الثمن الذي دفعه هذا الشعب الصابر الصامد من دماء واشلاء رجاله وشبابه ونسائه واطفاله ومقدراته مقابل صموده وتمسكه بأرضه, والافضل ان على ترامب ان يريح نفسه ولا يكلف نفسه عناء تكرار محاولات فشل فيها غيره من قبل اكثر من مرة وبشتى الطرق (القوة, الاغراءات وغيرها).

الكلام الفاضي أوالهراء الذي صرح به ترامب أثار ردود فعل مختلفة, فكل دول العالم تقريباً بما فيها حلفاء بلاده في اوروبا وخصوصاً الدول ذات العلاقة استنكرت ما قال وألقوا به في سلة المهملات وانتهى الامر, وداخلياً اثارت ترهاته سخرية العقلاء في نادي النخبة السياسية الامريكية ومنهم من لم يستطع اخفاء ضحكاته اثناء تلفظ ترامب بهذا الهراء في الخطاب الذي ألقاه في حفل تنصيبه الاحد 20 يناير الجاري, بل حتى في الكيان الصهيوني وصفوه الكثير من المحللين والاعلاميين بالقول غير الموزون والغير مدروس والغير قابل للتطبيق ولا يمكن التعويل عليه, ولم يؤيد ما قاله الا شخصين هما بن غفيرالذي استقال مؤخراً وسموترتش المعتوه والاشد تطرفاً في تاريخ الكيان والاثنين شارفا على نهايتهما السياسية وفقاً لاستطلاعات الرأي التي تشير الى فشل كلا من حزبيهما في تجاوز عتبة الحسم في اي انتخابات مستقبيلة اي انهما لن ينجحا في الوصول الى الكنسيت او السلطة مستقبلاً حسب اخر الاستطلاعات.      

هذا من ناحية, ومن ناحية اخرى, اذا اراد الرئيس ترامب نجاحاً مضموناًلحل مشكلة الاكتظاظ التي يعاني منها قطاع غزة كما يزعم فعليه ان يحل المشلكة من جذورها, وجذور المشكلة يا سيادة الرئيس هي ان الخريطة الديموغرافية لقطاع غزة تتكون من مكونين رئيسيين, الاول هو مواطنو القطاع وهؤلاء يشكلون حوالي 30% فقط من اجمالي سكان القطاع, والمكون الثاني وهو الجزء الاكبر من الكتلة السكانية وهم اللاجئون وهؤلاء يشكلون 70% من سكان القطاع وقد لجأوا اليه بعدما طردتهم العصابات الصهيونية بقوة السلاح من بيوتهم وارضهم عام 1948 ويتركزون في 8 مخيمات رئيسية هي مخيم الشاطئ ومخيم جباليا والنصيرات والبريج والمغازي ومخيم دير البلح ومخيم خانيونس ومخيم رفح, فاذا اراد السيد ترامب "تطهير وتنظيف" القطاع فعلاً كما قال عليه ببساطة السماح لهؤلاء العودة الى بيوتهم وارضهم بدلاً من تهجيرهم لبلاد الناس وعلاج مشكلة بمشكلة جديدة اكبر واخطر لهم وللاردن او مصر او غيرهما,  نعم الاولى ان يعودوا الى ديارهم يا سيد ترامب, فهذا هو الحل الاسهل والاكثر انسانية.

اما اذا كان ترامب يرى حل المشلكة في تهجير الناس, فهناك خيار منطقي وسهل واكثر واقعية, عليه فقط السماح باعادة هؤلاء المغتصبين الذين جاءوا الى فلسطين من كل حدب وصوب من بولندا واوكرانيا وروسيا ورمانيا وبلغاريا وغيرها من دول شرق او غرب اوروبا ومن امريكا وحتى من بعض دول عربية كالعراق واليمن والمغرب ومصر وكذلك من ايران وتركيا وغيرها وغيرها, كلا الى البلاد التي جاء منها, وقد بدأوا ذلك خلال العام الماضي بمغادرة حوالي مليون يهودي الى خارج فلسطين لن يعودوا على الاغلب وفقاً لمصادر صهيونية ذات صلة, ما عليك يا سيد ترامب الا تشجيع الباقين بالعودة من حيث جاءوا, وهذا الحل هو الاكثر المنطقي والاكثر اخلاقية.

او بما انه ترتبط بلادك بهم بروابط حميمية جداً يمكن ان تاخذهم عندك في الولايات المتحدة لتزداد علاقتكم دفئاً وحباً, وعندها ستندهش من سهولة حل القضية الفلسطينية وهذا هو الحل الاكثر منطقية, ولا داعي لتزعج نفسك وغيرك بمبادرات أو صفقات ولدت ميتة.     

اخر الكلام: 

لسوء طالع الشعب الامريكي انه ابتلي باخر رئيسين هما الاسوأ في تاريخه, ترامب تسبب فشله في ادارة ملف فيروس كورونا في فترته الاولى في مقتل حوالي مليون امريكي ومن ثم تبعه بايدن الذي اقحم الشعب الامريكي في متاهات الديون القياسية والغير مسبوقة في تاريخ البشرية اذ بلغت ديون الولايات الامريكية في عهده الغير زاهر اكثر من 36 تريليون دولار وبلغت نسبة التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة مستويات قياسية لم يشهدها تاريخ الولايات المتحدة نتيجة لقراراته التدميرية باقحام بلاده في حروب ليس لها ناقة ولا جمل في اوكرانيا والشرق الاوسط, والتي لولا المليارات الدولارات التي كان يدفعها بايدن لكل من اوكرانيا (حوالي 120 مليار) والكيان الصهيوني حوالي 75 مليار) لما استمرت تلك الحروب في تلك المناطق كل هذه المدة, وذلك نتيجة لضعفشخصيته فيستسهل الدفع بالمليارات على حساب الشعب الامريكي الذي يتواجد بين فئاته حوالي 3 الى 4 ملايين مليون مشرد بلا مأوى وبدون غذاء او ما او دواء, وبدلاً من رعاية هؤلاء يدفع بالمليارات لاذكاء الحروب وقتل عشرات الاف البشر وذلك بدلاً من انتشال الملايين من ابناء شعبه من براثن التشرد والجوع والبرد والمرض والفقر بجزء من هذه المليارات, ولكنها سوء الادارة والفساد قاتلهما الله, هانتر بايدن ابن جو بادين متورط في قضايا فساد ورشوات بمبالغ ضخمة في اوكرانيا وتمت ادانته والحكم عليه لكن والده الرئيس اصدر عفواً عاماً عنه عنه قبل مغادرة البيت الابيض واسقط عنه كل هذه الجرائم), وعلى الجانل الاخر, فالمعروف ان معظم اعضاء الكونجرس بما فيهم السيناتور السابق جو بايدن يتلقون مبالغ دورية من منظمة ايباك (اكبر منظمة ضغط تعمل لصالح الكيان الصهيوني) مقابل دعمهم الغير مشروط   للكيان الصهيوني ولو على حساب المصالح الامريكية, ولسوء الحظ ان مصائب هؤلاء امتدت لتطول ملايين الابرياء خارج الولايات المتحدة بدون ذنب.....حسبنا الله ونعم الوكيل.

د. سمير الددا

 [email protected]

 

ثلاثاء, 28/01/2025 - 23:26