لا مراء فى أن الإدارة الموريتانية بواقعها الحالي تمثل أحد أعْتَى فَرَامِلِ التنمية آيةُ ذلك التكلفة الكبيرة لرواتب وكلاء الدولة، الفساد المالي و العجز المهني المتواجدان فى بعض مفاصل الإدارة، تمييع الوظائف السامية عبر إسناد بعضها إلى من يمسك الرأي العام رأسه بيديه تعجبًا و حسرة من مجرد ذكره فى الشأن العام،...
و ما من سبيل إلى إصلاح إداري سريع المفعول ينتزع ثقة و إعجاب الجميع،إلا بإرساء معايير صارمة لانتقاء الذين سيُقَيَّدُونَ بأمانة الشأن العام؛و تنقسم المعايير المنوه عنها إلى معايير إقصائية و معايير ترجيحية.
و يقصد بالمعايير الإقصائية المعايير التى تعتبر "معايير صِحَّةِ"التسمية فى الوظائف العمومية و التى إن لم تتوفر انتفت أهلية الانتساب إلى المأموريات العمومية و من أهم هذه المعايير:
أولا-الكفاءة العلمية: و يستدل على ذلك بالمؤهلات العلمية مع واجب الانتباه إلى أمرين اثنين استجدا و استفحلا فى قطرنا هذا أولهما شيوع ظاهرة تسمين السير الذاتية بدبلومات و تجارب و معارف فى اللغات ما أنزل الله بها من سلطان و ثانيهما وجود حملة شهادات كحملة الأسفار شهاداتهم تشهد عليهم لا لهم.
ثالثًا-الخلو من سوابق الفساد:و هنا يتعين على الإدارة الموريتانية "إعداد قائمة صفراء"تضم كل المسيرين الذين ثبتت عليهم قضائيًا أو اعترافا(الاعتراف سَيِّد الأدلة)خروقات فى مجال تسيير المال العمومي.
و الغرض من إعداد اللائحة الصفراء هو تفادى تعيينها فى وظائف تيسيرية(و جازت لها الوظائف غير التسييرية كالاستشارية و نحوها) لمدة خمس سنوات تعزيرًا لها و تقدير لمشاعر الرأي العام من دافعي الضرائب.
أما المعايير الترجيحية التى يتعين الانتباه لها كلما توفر الشرطان الإقصائيان المنوه عنهما فمن أهمها:
١-الانتساب الشرعي للوظيفة العمومية عبر المسابقة: فمن غير الوارد أن تسند مهام عمومية لغير الموظفين أو لموظفين دخلوا الوظيفة العمومية تسللا و لِوَاذًا فى حين أن ثمة موظفين عموميين ولجوا غلابا و مسابقة مازالوا على "قارعة الطريق"أو فى "مرآب الانتظار"؛
٢-التمييز الإيجابي لصالح الفئات الأقل حظًا فى المشهد الإداري:
إذا توفر الشرطان الإقصائيان فعلى الإدارة إيلاء كامل الانتباه و فائق العناية للنساء و الشباب و بعض الأعراق و الشرائح التى يفقأ العينَ ضعف ُحضورها بالمشهد الإداري.