تَغرُّبٌ.
....ا
طالعتُ اليوم صورة للمدون محمد نزيلو، في أمريكا، ولكل مُهاجر شاب ظروفه الخاصة لهجرته،.. اغترب كثيرون من أبناء الأهل والأقارب والمعارف، وآخرون يستعدون للمغادرة... هذا واقع.
لن ألوم من ارتحلوا غربًا على رحيلهم المتدافع، بل ألوم وطنهم الذي لم يُقنعهم بالبقاء، وهنا لا أتحدث عن وطنهم الجغرافي، بل عن وطنهم الاجتماعي والمعيشي.. مثلاً، عن عملٍ شريف وعن صِحة تُشفِي وتعليم يُعَلِّم، وأمنٍ يُؤمِّن، وضمان يُطمئن، وتقاعد يحفظ الآدمية،.. أتحدث عن وطن لا تتنازعه متنافرات تُخمة الثراء وسَغَبُ الفقر.. باختصار عن الوطن الأمل.
لستُ أدري لماذا أنا جد مرتاحة لرحيل الشاب الطيب نزيلو بالذات!،.. نعم، من خلال ما يكتب من متناقضات متباينة أحتسبه طيبا ومرحا وغير خبيث.. أنا مسرورة له ربما، لأنه لن يستعطف بعد اليوم سياسيًّا أو نائبا أو وجيها قبليا، يعطيه أو يمنعه ممَّا تَحصَّل عليه هو الآخر من ريع الامتيازات الاستثنائية أو الصفقات الجزافية، سيعيش الشاب بشرف، ويصون ماء وجهه، والأهم أنه قد يصبح قدوة لبقية الفيلق الضائع، الذي تَشكَّل منذ فترة على هامش الحياة السياسية والاجتماعية ذات الوجاهة، في صيغة تركيبة طفيلية من الزَّيادنة المُمَجِّدين واللَّماحين والمدَّاحين للمَجهول والمَعلوم، لا يُحسنون ظاهريا غير حقارة التبجيل، ويمتهنون كينونتهم وأعراضهم في مذلَّة ومذمَّة.. ليعيشوا! .. ولو كانت كُلفة معيشتهم هذه، ذوق المجتمع وأخلاقه.
كان بإمكان منطقة انواذيبو الحرة أن تُخفِّف من "رگت إجِّلْ"، وأن تتغافَلَ عن مُشاكسة "نزيلو" الافترائية عليها، فهي تعلم "دخلي" أنَّ الأمر شائع جدا، ولا يعدو أكثر من لفت انتباهٍ بشمرگي بُغية "مَكرُمة اسْكاتٍ"، ولا تستلزم إخضاع الخصم بالتَّخاصم المذل و التَّحاكم غير المتكافئ.. لكن الخير في اختيار الله،.. سيُرسل "نزيلو" عمَّا قريب حوَّالات نقدية لأبنائه من أمريكا، ستحفظ لهم كبرياءهم بين أقرانهم، وستكون من جُهد ذراعه لا منْ خَلُوفِ لسانه، لن يكون مضطرا لإحراج أطفاله بعرض صورة تُفخِّم فُلانًا غير الفخم، أو بكتابة طرة تُجَمِّل عَلاَّنا غير الجميل أو بحبس لسانه توجُّسا من كَهلان.. لن يضطر لبيع ولائه وولاء أهله مقابل قوتهم ورسوم دراستهم،.. كل ذلك فيه مهانة له ولهم.
الآن سيرتقي من منحدر التدوين السابق بهدوء وحرية ليصل لحافَّة عصامية أبيَّة تحفظ له كرامته..
مقام طيب سيدي.
تحياتي.
الدهماء ريم