أعلن قطاع العدل عن بدء تعميق التحقيق في ما يسميه "معلقو النظام" ( أي نظام جاء!) "فساد العشرية "؛ وحسب المعلومات المتداولة، فإن "فساد العشرية" يتضمن عشرة ملفات، في تطابق عددي ينم عن منطق التشفي والرمزية السطحية وازدراء عقول المواطنين الموريتانيين.
لقد قمت بعملية إحصائية غير قابلة للتفنيد، حيث اعتبرت أن مجلس الوزراء يجتمع بانتظام أحد عشر شهرا كل سنة ويستفيد من العطلة الشهرَ المتبقي (أسبوعان لنصف الوزراء وأسبوعان للنصف الآخر) ؛ وخلال كل اجتماع، يناقش المجلس جدول أعمال يتضمن على الدوام عدة مشاريع تنموية، تكون غالبا في حدود "نصف-عشرة" (حوالي خمسة)، اعتمادا لما اكتشفته "عبقرية" لجنة تحقيق"الإخوان" وإخوانهم والذي يتبنى العدد "عشرة" كوحدة قاعدية للحساب في المجال السياسي... ولطفا بهذه العبقرية العشرية الفتية، لنقم بتقسيم عدد المشاريع خلال كل اجتماع لمجلس بإثنين، لتصبح في حدود "رُبع عشرة"، ولنختر ثلاثة، أي العدد الصحيح الأقرب إلى ربع الوحدة العشرية، وهو في الواقع أقل بكثير من معدل الأعداد المعنية.
خلال أحد عشر شهرا إذا، يجتمع مجلس الوزراء أربع مرات كل شهر أي مرة كل أسبوع، مما يعني أنه يجتمع بانتظام- على الأقل- أربعًا وأربعين مرة، 44=4x11.
وفي كل مرة، يناقش -على الأقل- ثلاثة مشاريع تنموية، أي أنه يناقش سنويا مامجموعه 132 (44x3) مشروعا تنمويا، على أقل تقدير. وعودة إلى المناورة السياسية "العشرية" المكشوفة، فالمجلس ناقش ما مجموعه 1320 (132x10) مشروعا تنمويا خلال "العشرية"، كحد أدنى...
فنسبة "عشرة مشاريع" التي أفرزها "دهاء" لجنة "الإخوان" وإخوانهم، من أصل 1320 مشروعا "عشريا"، تمثل إذا 0,75% فقط من مجموع المشاريع المعنية، وذلك باعتماد فرضيات دنيا ؛ أما إذا عدنا إلى الأعداد الفعلية-وهي بالمناسبة متاحة!-، فقد لا تتجاوز النسبة المذكورة عتبة 0,1% !... ولو أخذنا في الحسبان فساد "العشرينية" و "الثلاثينية" ...، لهوت هذه النسبة إلى ما يناهز الواحد في "عشرة" آلاف!
وإذا زدنا على ما سلف، أن لجنة "الإخوان" وإخوانهم، وسعت -منهوكة- نطاق عملها مرتين على الأقل، لأن حصيلة الانتقاء والاستهداف كانت مخيبة للأمل كل مرة، نفهم إلى أي حد تم تسييس وتوجيه كل هذه المناورة وتمييع مجال التحقيق البرلماني لسنوات عديدة قادمة...
لذلك أقول ل"معلقي النظام"، لسنا، نحن المواطنون الموريتانيون، أغبياء إلى هذا الحد!...
لقد اقترحت على قطاع القضاء عدم السير على خطى بهذه الدرجة من الانتقائية السياسية والعدمية الإحصائية، وذلك من خلال اختيار عينة عشوائية جديدة (وأوسع) -لنقل 5% - من مشاريع "العشرية"، بشكل مهني ومحايد ؛ فلو تمت الأمور بشكل يتقبله المنطق والموضوعية والإنصاف، لكنت أول المدافعين عن عملية التحقيق هذه وعن نتائجها القضائية، مهما كانت...
د. إسلك أحمد إزيد بيه