بغض النظر عن المحاكمات السياسية القادمة التي أتوجس أن تتحول إلى مشهد غير لائق ل"غسل الملابس المستعملة"، على مسمع ومرأى من الجوار القريب والبعيد، والتي تعيدنا، مع الأسف، بعيدا إلى الوراء ؛ محاكمات نجح "الإخوان" وحلفاؤهم من أوساط الفساد التقليدية في تمريرها -ضد خصومهم الرئيسيين- على حين غفلة من الأغلبية التي انشغلت وقتها بحسم إشكال "المرجعية" المفتعل داخل الحزب الحاكم، بعض النظر عن هذه المحاكمات إذا، فإن تفكيرا جديا يجب أن يُكرس لتفادي كل ما من شأنه تأجيج التوتر السياسي داخل البلاد أو تهديد مصالحها الحيوية الخارجية.
وأفتح هنا قوسا بخصوص هذه الجزئية الأخيرة، لأسجل شجبي وإدانتي التامين للهجوم اللفظي الجبان الذي شنه أمس عضو لجنة التحقيق البرلمانية عن جماعة "الإخوان" ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة، هذا البلد المضياف وصاحب الأيادي البيضاء...
وعودة إلى مقاربة تقليص مستوى الاحتقان السياسي، فيما يتعلق بالخلاف بين رئيس الجمهورية الحالي وسلفه الذي يرجع له الفضل البشري الأهم في وصول الأول إلى سدة الحكم، هذا الخلاف الذي يشكل بالنسبة لي مصدر قلق على المصلحة العليا للبلاد، فإنني أود التقدم بما يلي:
١- الإيقاف الفوري لحملات التشويه والتحريض الإعلامية المتبادلة (والسخيفة)، لما تسببت فيه من انزلاقات ومآس في بعض البلدان المشابهة...
٢- فتح قناة للحوار المباشر بين رئيس الجمهورية الحالي وسلفه لحلحلة خلافهما السياسي بشكل يضمن للأول مزاولة مهامه الدستورية دون أي شكل من أشكال المضايقة السياسية وللثاني مواصلة الاهتمام بالشأن العام، حسب ما يراه مناسبا وطبقا لما تخوله القوانين والنظم الوطنية ذات الصلة، علما بأن أملي الشخصي هو أن يتعاون الرجلان بشكل سلس وفعال خدمة للبلاد، كما حدث من قبل،
٣- حل البرلمان الحالي لأنه أصبح "منتهي الصلاحية" -من المنظور الأخلاقي على الأقل-، بعد أن دافعت أغلبيته باستماتة مضحكة-مبكية عن المأمورية الثالثة لصالح الرئيس السابق خرقا للدستور ، لتساند بعد ذلك مبادرة "الإخوان" بإنشاء لجنة برلمانية للتحقيق هدفها الأول والأخير هو محاكمة نفس الرئيس السابق وبعض معاونيه، بناء على خروقات مفترضة شابت مشاريع تنموية تم انتقاؤها خصيصا لهذا الغرض، مشاريع وافق عليها وقتها البرلمانيون المعنيون دون أي شكل من أشكال التمحيص أو التدقيق أو التحفظ...
٤- تكوين لجنة برلمانية جديدة -داخل البرلمان المقبل- للتحقيق في موضوع الفساد، بمبادرة من الأغلبية (مهما كانت)، بعيدا عن منطق تصفية الحسابات أو التخوين وعن ارتدادات التجاذبات الإقليمية ودون تدخل أي "خبير" أجنبي...
وفي الأخير، أود توجيه نداء إلى مثقفي ورشداء وعقلاء وحكماء هذا البلد، من أجل التعبير عن دعمهم للمقاربة أعلاه في خطوطها العريضة.
د. إسلك أحمد إزيد بيه
رئيس أسبق لحزب "الاتحاد من أجل الجمهورية"