مالي.. حلم الانتخابات المفقود

استولى العقيد عاصيمي غويتا على السلطة في مالي بعد الانقلاب الذي قاده عام 2020 وقال: "إن رئيس البلاد و رئيس وزرائه فشلا في أداء مهامهما، وكانا يريدان تخريب عملية التحول في البلاد متوعدا باجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العام 2022" جاء موعد الانتخابات بعد سنتين من تولي المجلس العسكري الانتقالي في البلاد الحكم, وحمل معه تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية -التي كان قد وعد بها- بعد توليه السلطة، والتي كانت مقررة في 27 فبراير 2022، والرامية لتسليم السلطة لقيادة مدنية ينتخبها الشعب المالي. نتج عن هذا التأجيل بالاضافة إلى الاستلاء على السلطة بالقوة عقوبات اقتصادية مشددة فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" كبدت البلاد خسائر اقتصادية فادحة وفاقمت من وضع السّكان المعيشي, خصوصا أن البلاد تعيش منذ فترة طويلة في أزمة امنية واقتصادية بسبب الصراع القائم في الشرق وانتشار المجموعات المتطرفة،

 

خلال هذه الفترة بدأت مالي سياسية جديدة عنوانها فاغر واقتناء طائرات مسيرة من تركيا لشن هجمات على سكّان الشرق المالي, قتل خلالها مئات الأبرياء في ظروف غامضة, وزاد التعاقد الفاغنري المالي من اعباء البلاد الاقتصادية بسبب تمكين فاغنر من مناجم الذهب لدفع تكاليف خدماتها العسكرية على الأراضي المالية. استمرّت الأحزاب السياسية المالية في الانتظار لاعلان موعد الانتخابات في العام المقبل، لكن المفاجأة كانت صادمة بعد اعلان المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي، تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في فبراير 2024، وإلغاء الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة نهاية العام 2023، وأرجع الخطوة لأسباب فنية، بينما تنتظر الأحزاب السياسية الحوار بين الأطراف المالية، تم تعليق أنشطة الاحزاب و المنظمات السياسية، رغم أن موعد النهاية الرسمية للفترة الانتقالية ـ كان ذلك رسمياً في 26 مارس الماضي، أصدرت المجلس العسكري الانتقالي الحاكم بيانا رسميا تمنع فيه المواقع الالكترونية والصحف المقروءة والقنوات التلفزيونية من عرض أي نشاط سياسي للاحزاب السياسية والمجموعات المدنية الاخرى.

 

جاء قرار تعليق الأنشطة السياسية للأحزاب والمجموعات السياسية بعد بيان تلاه ائتلاف المعارضة المختلفة تطالب فيه السلطة العسكرية الحاكمة بتنظيم سريع لانتخابات رئاسية من أجل العودة إلى النظام الدستوري. يمكن القول أن المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي لم يقرر بعد كيف سيخوض الانتخابات الرئاسية وهناك خلاف عميق داخلي حول الوجه الذي سيقدمه كمرشح رئاسي للنظام، وبالتالي يستميت في إقناع القوى السياسية والمدنية بضرورة فرض الأمن على كافة التراب المالي المتصدع، ريثما يتفق ضباط المؤسسة العسكرية على مرشحهم الرئاسي، لكن الذريعة التي طالما كانت قادرة على تأجيل الانتخابات وقياس نبض الصبر عند الشعب المالي، باتت غير مجديّة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية فضلا عن تقييد حريات الرأي والتعبير - سجن الأصوات المعارضة، وتعليق الأنشطة السياسية للأحزاب والجمعيات.

 

هذه المدلهمات أماطت القناع عن المصداقية التي كان يحظاها بها المجلس العسكري الانتقالي الحاكم منذ توليه السلطة وقلّصت دائرته الشعبية، وفي المقابل وحدت الطّيف المعارض الذي أصبح أكثر تماسكا بسبب الخوف والقمع. يحتاج المجلس العسكري الآن إلى خطاب جديد غير مفردة "السلام"، والتي تبددت في واقع صعب ومتأزم خصوصا مع الجيران. ورغم مضي سنوات من الحكم و إبرام صفقات السلاح وجلب مقاتلي فاغنر بملايين الدولارات فإن المجلس العسكري في مالي لا يسيطر على كامل التراب الوطني، و الأبرياء يقتلون على أيدي المجلس العسكري وشركة فاغنر، وسقط في ساحة القتال ضباط و جنود ماليين. وربما يؤكد هذا الكلام ما سمعناه الأسبوع الماضي، من رئيس الوزراء الانتقالي شوغيل مايغا الذي قال: "الوضع الأمني ​​في مالي غير مستقر بما يكفي لتنظيم الانتخابات".

 

 سلطان البان

ثلاثاء, 16/04/2024 - 10:26