تبدو مقتضيات (المادة 31 جديدة) من القانون رقم :2021 -216، الصادر بتاريخ :06 أغشت 2021، المعدل لبعض أحكام القانون رقم: 61 – 112، الصادر بتاريخ: 12 يونيو 1961، المعدل، المتضمن مدونة الجنسية الموريتانية، التي تنص على أنه:"...تتعارض الجنسية المزدوجة مع وظائف:
رئيس الجمهورية، ورئيس الجمعية الوطنية، ورؤساء المؤسسات الدستورية، والوزير الأول، وأعضاء الحكومة في القطاعات السيادية، وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية."، غير متسقة مع كامل "الكتلة الدستورية" للبلاد ؛ وتحديدا منها ،بشكل أصلي، تلك المتعلقة بتعارض الجنسية المزدوجة مع وظيفة رئيس الجمهورية، ومع قابلية زيادة المقتضيات المخالفة، حال تأكد المخالفة ، لتشمل ما ورد من تعارض الجنسية المزدوجة مع وظيفتي رئيس الجمعية الوطنية ورئيس المجلس الدستوري، باعتبار أن ما يسرى على رئيس الجمهورية يطالهما للتبويب علىتوليهما لرئاسة الجمهورية بالنيابة حالة شغور أو مانع بالنسبة للأول وحالة مانع نهائي لرئيس الجمعية الوطنية بالنسبة للثاني.
ليس لهذا القانون العادي أن يحدد التعارض مع وظيفة رئيس الجمهورية؛ فالدستور نفسه تولى تحديد أهلية الانتخاب لرئاسة الجمهورية وشروط الترشح لها ،أوعهد بها للقانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ،وهى مبينة فيهما على نحو تام وجلي:
أولا : فى دستور 20 يوليو ،المثبت والمعدل
1- الانتخابية:
بينت ( المادة 26/جديدة) متطلبات التمتع بأهلية تولي المهمة الأسمى في الدولة من خلال النص على أن:"كل مواطن مولود موريتانيا يتمتع بحقوقه السياسية ولا يقل عمره عن أربعين (40) سنة ولا يزيد عن خمس وسبعين (75) سنة بتاريخ الشوط الأول من الانتخابات مؤهل لأن ينتخب رئيسا للجمهورية." ،وإذا فالمتطلبات هي:
أ-كون جنسيته أصلية ، ودون اعتبار لحيازته لأكثر من جنسية تمتع بها بشكل أصلي أو اكتسبها باستيفاء شروط الحصول عليها. وعليه فيكون مكتسب الجنسية الموريتانية "المتجنس" فاقدا لأهلية الترشح ، حتى ولو تنازل عن كل جنسية سبقتها. وذلك خلافا للانتداب النيابي الذى لا تشترط في أهليته أصلية الجنسية الموريتانية ؛حيث يكفي أن يكون المتجنس قد انقضت عشر سنوات على تجنيسه .(الماددة 6/ جديدة ) من الأمر القانوني رقم:91-028 ، الصادر بتاريخ:07 أكتوبر 1991،المعدل، المتضمنالقانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية.
بعض الدول مثل السنغال تتجاوز، بالنسبة لرئاسة الجمهورية، اشتراط أصلية الجنسية إلى "حصريتها"، حيث تنص (المادة 28) من دستور22 يناير 2001، المعدل، على أنه: "يجب أن يكون كل مرشح لرئاسة الجمهورية متمتعا بالجنسية السنغالية الحصرية، وبحقوقه المدنية والسياسية، وأن يبلغ من العمر 35 سنة على الأقل بحلول يوم الانتخاب"، ومع التميزعن (المادة 26) في الدستور الموريتاني بإضافة شرط:" أن يجيد الكتابة والقراءة والتحدث بطلاقة باللغة الرسمية"( في أفق الوعد الانتخابي بترسيم الولفية سيثير هذا الشرط عجا سيساوى ما كان ليثيره ذات الشرط لو تضمنه الدستور الموريتاني).
عرفت المنظومة القانونية الموريتانية فرض تمتع المترشح لرئاسة الجمهورية بالجنسية الموريتانية بشكل حصري من خلال التوليف بين نص الدستور على أصلية الجنسية في (المادة 26):" كل مواطن مولود موريتانيا..." . ونص قانون الجنسية على منع ازدواجية الجنسية:" يفقد الموريتاني البالغ جنسيته إذا حصل بإرادته على جنسية أجنبية " (المادة 30) من القانون رقم: 61 – 112، الصادر بتاريخ: 12 يونيو 1961، المعدل، المتضمن مدونة الجنسية الموريتانية، ما يؤدي بالمحصلة إلى حصرية الجنسية الموريتانية بالنسبة لأهلية الانتخاب لرئاسة الجمهورية، دون استخدام مصطلح "الحصرية".
كان ذلك قبل أن يعمد إلى تعديل (المادة 31/ جديدة) التي أصبحت فى القانون رقم :2010-023، الصادر بتاريخ 11 فبراير 2010، الذي ألغى وحل محل بعض أحكام القانون رقم: 61 – 112، المعدل، تعطى لمرسوم أن يرخص في الاحتفاظ بالجنسية الموريتانية:" يمكن لموريتاني بالغ ويتوفر على جنسية أجنبية أن يرخص له بناء على طلبه بالاحتفاظ بالجنسية الموريتانية"، فزال بذلك مانع أهلية مزدوج الجنسية أصلي الموريتانية منهما، وأصبح من المتصور وصول أحدهم لرئاسة الجمهورية.
ب-التمتع بالحقوق السياسية ؛ وهى الحقوق التي يتمتع بها جميع المواطنين إلا من حرمها بحكم قضائي غير قابل للطعن. (المادة 23/ ق. العقوبات)
ج-المحدد العمري: تكتسب أهلية الانتخاب لرئاسة الجمهورية ببلوغ أربعين سنة، ويفقدها من عدى الخامسة والسبعين.
2- شروط قبول الترشح:
أحال الدستور تحديدها بشكل صريح وحصري لقانون نظامي:" ... يحدد قانون نظامي شروط وصيغ قبول الترشح وكذلك القواعد المتعلقة بالوفاة وبمانع الترشح لرئاسة الجمهورية."
ثانيا : في الأمر قانوني رقم: 91 – 027، المعدل:
1- أهلية الانتخاب:
حدد لها القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ،الوارد في الأمر قانوني رقم: 91 – 027 الصادر بتاريخ: 7 أكتوبر 1991، المعدل، حرفيا نفس المتطلبات الواردة في (المادة 26) من الدستور ؛ فنص فى (المادة 3 /جديدة) منه على:" يعتبر مؤهلا لأن ينتخب في رئاسة الجمهورية كل مواطن ولد موريتانيا يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية ولا يقل عمره عن 40 سنة ولا يزيد على 75 سنة في تاريخ الشوط الأول من الانتخابات."
2- شروط قبول الترشح:
وحصرتها (المادة 5/جديدة) في شرطين: تزكية مائة مستشار بلدي، وإيداع كفالة بقيمة خمسة ملايين أوقية:
" لا يقبل الترشح لرئاسة الجمهورية إلا بعد الحصول على تزكية مائة (100) مستشار بلدي على الأقل من بينهم خمسة (5) عمد.
ويجب أن يكون هؤلاء المستشارون ينتمون لأكثرية الولايات. كما لا يمكن لأي منتخب أن يزكي أكثر من ترشح واحد.
تكون التزكيات بواسطة وثيقة مصدقة ولا يمكن بأي حال من الأحوال سحبها بعد إيداعها.
يتعين على كل مترشح لرئاسة الجمهورية إيداع كفالة مالية قدرها خمسة ملايين (5.000.000) أوقية لدى الخزينة العامة."
بنص الدستور تم تحديد التمع "بجنسية أصلية" كأول أركان أهلية الترشح للرئاسة بالإضافة لركني "التمتع بالحقوق المدنية والسياسية" والأهلية السنية ".
حتى القانون النظامي الذي أعطاه الدستور تحديد شروط قبول الترشح وموانعه تقيد باعتبار الدستور لمن توافرت فيه تلك الأركان "مؤهل لأن ينتخب رئيسا للجمهورية" ونقلها بحرفتيها في مادته الثالثة. فكيف يتجاوز قانون عادي ما أقر الدستور والقانون النظامي!
اعتماد حصرية الجنسية الموريتانية لمن ينتخب لرئاسة الجمهورية يمر من خلال تعديل النص الدستوري واستبدال عبارة:" مواطن مولود موريتانيا " باشتراط "التمتع بالجنسية الموريتانية بشكل حصري"، وتضمين الشرط في القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ،ومع مراعاة ذلك في ملف المترشح المقدم للمجلس الدستوري ؛كأن يضمن نموذج استمارات تصريح الترشح لرئاسة الجمهورية خانة تفيد الإقرار بحصرية الجنسية الموريتانية ،أو يقدم كجزء من الملف إقرار شرف موقع من المترشح يقر فيه بعدم امتلاكه لأي جنسية غير الموريتانية (المداولة رقم :011-1997 /م. د/ الصادرة بتاريخ 10 أغسطس1997 المحددة لنموذج استمارات تصريح الترشح لرئاسة الجمهورية ، النافذة خالية من ذلك).
كان التنصيص على تعارض ازدواج الجنسية مع تولي رئاسة الجمهورية كافيا لوجود تعارض ازدواج الجنسية ورئاسة الجمعية الوطنية، وحتى المجلس الدستوري في ظل احتمال خلافتهما لرئيس الجمهورية. وعليه فتسري عليهما نفس النتائج حال التصريح بمخالفة تنظيم قانون عادي للتعارض مع وظيفة رئيس الجمهورية
مع ذلك، وفى جميع الأحوال، يبقى أن النص الأنسب لمعالجة مسألة التعارض بالنسبة لرئاسة الجمعية الوطنية،ليس المادة 31 من مدونة الجنسية؛ فالدستور الذي خصص مادة منه (المادة 55/جديدة) لولاية رئيس الجمعية الوطنية: " ينتخب رئيس الجمعية الوطنية لمدة الإنابة التشريعية." يعد الإطار الأنسب لتضمن ذلك المانع. يليه فى ذلك القانون النظامي المتعلق بانتخاب أعضاء البرلمان الذي هو المعني وفق (المادة 48 /جديدة) بأن يحدد:"... شروط انتخاب أعضاء البرلمان وعلاواتهم وشروط الانتخاب، كما يحدد عدم القابلية والتعارض..."
حتى النظام الداخلي للجمعية الوطنية يبدو أنسب من مدونة الجنسية لتضمين شرط حصرية الجنسية الموريتانية في من يترشحون أو يرشحون لرئاسة الجمعية.
تقدم الاستحقاقات الحالية فرصة للوقوف على موقف القضاء الدستوري من هذه المقتضيات التي يسمح إعمالها بالمساس بحقوق أساسية لبعض من يرغبون في الترشح للرئاسة دون أن يكون ذلك مقابل مقايضة تسلبهم حقوقهم في الاحتفاظ بجنسيات بلدان أخرى، على أساس نص مخالف للدستور