حماه الله السالم: إننا نرفض أن يقال لنا انتظروا

إنا نرفض أن يقال لنا انتظروا حتى نصل إلى حد مقبول من النقاهة والقدرة على التصرف لأن ذلك مؤذن بخراب عمراننا وهلاك حرثنا ونسلنا لأن مشروع جيوش الظلام يكاد يكتمل وينتظر القطاف ليصبح أمرا واقعا لا مفر منه.

نرفض ذلك كلية لأن بلادنا تواجه تهديدا وجوديا يجعل كل شيء في مهب الريح ويجعل مستقبل أهلنا وقيمنا وهويتنا في خطر مميت.

لن نسكت ولن نتردد في كشف المؤامرة وبالتفصيل الممل وسنرفض أي خيار للهزيمة دفاعا عن حقنا في وطننا وفي إنقاذ بلدنا من الضعة والهوان والخزي والتلاشي.

لقد صار كل شيء في هذه البلاد مغبرا وقاتما وقميئا ومشعرا بالخزي والمذلة والهوان وأصبح أهلنا في الأعماق بين سندان الجوع ومطرقة النسيان أو التلاشي بفعل التهديدات العابرة للحدود والمبيتة من الجوار اللئيم تحركه أيادي خفية هي عينها التي تعبث في الداخل وتهدم كل شيء.

إننا نرفض أن يقال لنا انتظروا غازا أو تبرا لأننا سمعنا تلك "السيمفونية" الهابطة في أيام خلت ولم ينلنا من ذلك خير ولا نماء بل ما يزال أطفالنا يتساقطون في الداخل جوعا وبسبب الحرارة وكأنهم يعيشون في أتون مستعر ولم يقدم إليهم أحد غطاء يسترهم أو شربة من ماء بارد.

إن ما يحدث هناك هو ما يشبه "التطهير العرقي" لشعبنا تارة باسم العجز وتارة تحت شعار التقصير وهما صنوان متلازمان ووجهان لعملة واحدة هي الفشل الصارخ للسياسات العمومية بحذافيرها.

 

إننا نرفض أن يقال لنا انتظروا..

حتى تكتمل المؤسسات وتنضج الإصلاحات، لأنها مجرد وعود عرقوبية وسراب بقيعة وهي أيضا خطة لا غناء فيهاورأي لا خطر له وبلاغ إلى ما هو أسوء من المسارات القلقة والنهايات التراجيدية بين طوفان جنوبي غير مقدّس أو "سراب صحراوي مميت".

لن نقبل أية خطة تمنع من "إنقاذ موريتانيا" من جيوش الظلام التي تخير الجميع بين معادلتها الصفرية الشيطانية: إما الفساد وإما الفناء.

نرفض تلك المعادلة الشيطانية ونصر على بتر تلك الأيديالقذرة مهما كلف الثمن لأنه تمر على الأوطان لحظات تاريخية فاصلة بين الحق والباطل وبين العبور أو الموت، ونحن لن نتردد في اتخاذ القرار الذي ينزل الرعب بأعداء الوطن والشعب لأنه ليس من خيار آخر.

لسنا ضعفاء ولا جبناء ولا غرباء ونحن هنا بين أهلنا وفي ديارنا تحت سمائنا وفي برنا وبحرنا وبين جبالنا وسهولنا حيث صدح صوت مآذننا بالحق و لعبت خيل فرساننا مجدا و شهامة.

نرفض التنازل عن وطننا تحت دعاوى الأخوة أو الجوار أو حتى باسم الواقع والممكن والضروري وغيرها من المسكنات اللفظية والمهدئات العملية وكلها سم زعاف يسري في النفس والجسد.

لقد تم تدمير جوهر العسكرتاريا الوطنية بالاغتيال والسم والتخريب والعمالة والإقصاء والفصل ومن دون حقوق حتى.

لقد طوى النسيان المخيف ذكرى شهدائنا في المقاومة وفي الحرب الوطنية (حرب الصحراء) وبقي أبناؤهم يتكففون الناس فقرا ومرضا أما تكريم آبائهم فهو العنقاء المغرب لأنه تيار صاعق حرص العملاء على أن يظل سيفا مصلتا على الجميع.

لقد صمد جيشنا وهو قليل العدد والعتاد أمام حرب متعددة الأطراف إقليميا ودوليا واستطاع رجاله الصمود في السهول والجبال وسطروا ملاحم بطولية تشعر بالفخر والاعتزاز وتشهد لهذه البلاد أنها بحق هي "أرض الرجال" كما وصفها الرحالة الغربي دي سانت أكزوبيري ( Saint-Exupéry).

العدو الخفي وعملاء الأجنبي يقبعون بيننا ينشرون زلاتنا ويجوسون خلال ديارنا يفسدون وينفذون أوامر الأجنبي لتقويض ما بقي من أركان الدفاع الوطني.

وسيظل من واجبنا ومن دون تأخير تسليح جيشنا ليضاهي كل القوى الإقليمية الكبرى أو يزيد عليها ونستطيع ذلك وأكثر من أجل أن تنبت له أنياب ومخالب تنهس لحوم العدو وتنشرها للنسور.

 

إننا نرفض أن يقال لنا انتظروا..

ونحن نرى فصول المؤامرة الشيطانية تكتمل لنكون مشردين او تحت رحمة العدو، وهي معادلة صفرية مميتة سنحاربها بكل قوة وعزم وتصميم.

لقد فاتنا قطار البناء ولكن لم يفتنا الحق في الدفاع عن وجودنا من أجل بناء وطن آمن ننعم فيه بالحياة الكريمة لا نخشى بأسا ولا رهقا.

مشروعنا هو "إنقاذ موريتانيا" من جيوش الظلام التي تتربص بنا الدوائر ومن عصابات الفساد والجريمة المنظمة الكارهة للحق والعدل والفطرة السوية والصالح العام.

 

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 

حماه الله ولد السالم 

انواكشوط في الأربعاء، 29 شوال 1445 من هجرة خير البرية الموافق 8 مايو 2024

 

أربعاء, 08/05/2024 - 15:29