تعيش الأمم في زمن واحد في هذا العالم، والزمن له روحه المفروضة على الجميع، المرفوضة من البعض. ولذلك فعندما تتأمل كل أمة وما تقوم به من أعمال لصالح حاضرها ومستقبلها من جهة، وللمساهمة في تقدم وازدهار البشرية عموما من الناحيتين الثقافية والمادية، من جهة اخرى، ستصاب بالدوران، لأنك ستجد في طرف، امم تطورت وتسعى لمزيد من التطور يوميا بكل الوسائل، وهي تساير روح الزمن التي لا تعرف الحدود،فهم يعملون ظاهرا بما يعتقدونه صوابا في وعيهم المنطلق من النمو الفكري الذي امدتهم به روح الزمن، ومن المعروف أن الفكر هو وقود الوعي، والثقافة هي وقود السلوك، ومع أن الوعي إن وجد لا يكون الا سليما صحيحا لانه نتاج الفكر ،فإن السلوك ليس كذلك دائما، فقد يكونا متخلفا لأنه نتاج الثقافة، وهذه الأخيرة تعني ما تحصلنا عليه من تراكمات تدخل في تشكيلها عدة محددات منها العادات والتربية و الاخلاق والموروث الإجتماعي.
ومن المعروف ان هذه المحددات اذا بقيت بدون تحديث ، بقي الواقع الاجتماعي هو الآخر بدون تطور.. وهذا ما ستجده في الطرف الثاني : الامم المتخلفة، فهذه الامم كما يصفها بعض علماء الاجتماع يخيل اليك انها تصمم على زيادة السرعة في السير الى الوراء، ولذلك تراها تتحسر على الماضي الذي كانت فيه، وتعتبره احسن كثيرا من الحاضر، و هذه احدى ميزات التخلف، ان يكون الماضي احسن من الحاضر، و هذا لا يقبله اي منطق !!! ومع أن الأمم المتخلفة والمتطورة تسيران في طرق متباينة، فإنهما تتأثران بروح الزمن ولكن بنسب متفاوتة، فالامم المتطورة لديها دائما الحافز لمزيد من العمل والابتعاد عن الماضي البائد والعيش في الحاضر كماهو،
أما الأمم المتخلفة فتعرف بسبب روح الزمن، أن ما تقوم به مسلكيات متخلفة، ومضرة بها، وأن عيش الحاضر بروح الماضي مضر بها، وانها يجب أن تسير في الحاضر، ولكن الذي يمنعها شيئ واحد هو عدم الاستعداد لتقديم التضحيات التي يتطلبها الخروج من التخلف، ودروب التضحيات ينيرها عادة المثقف والكاتب ، واهل الرأي عموما، كما حدث في أوربا في عصر النهضة. فمتى سنسمع لهم صوتا، و نرى لهم رفضا للواقع الذي يعج بما يتوجب الرفض، ام اننا في أزمة، يقال ان هتلر في اوج الحرب العالمية الثانية، استدعى وزيره للإعلام وقال له وجه الدعاية للعوام... فرد الوزير: والمثقفون ... اجابه هتلر : في زمن الازمات يتحول كثير من المثقفين إلى عوام....