
بدأت دول الساحل الثلاث مالي والنيجر وبوركينافاسو معركة صعبة ومكلفة ضد التنظيمات الجهادية في الساحل (القاعدة وداعش) من جهة، وضد الجبهات الأزوادية من جهة أخرى، بعد أن أعلنت هذه الدول الخروج من العباءة الفرنسية، ومن التبعية الإقليمية أيضا للمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا "إيكواس"، ومن تجمع دول الساحل الخمس.
- أعلنت دول الساحل هذه عن اتحاد جديد باسم "ليبتاكو-غورما" وهي منطقة المثلث الحدودي بينها التي أضحت منذ سنوات مرتعا للجماعات الإرهابية وعصابات شتى. - وبدأ جيش بوركينافاسو وشريكه النيجري أول تحرك ضد معاقل تنظيم داعش في الحدود بين البلدين هذا الأسبوع، كما تم الاتفاق على أن تحل كتيبة مشتركة من الجيشين النيجري والمالي محل قوات الأمم المتحدة "المنيسما" في منطقة "انسونغو" في مالي يوم 30 الجاري.
- وانطلقت كذلك قوات من الجيش المالي ومرتزقة فاغنر الروسية للسيطرة على منطقة "انفيف" في العمق الأزوادي شمال مالي حيث تسيطر الجبهات المسلحة الأزوادية.
- هذه الجيوش تنتظرها حاليا ثلاث معارك منفصلة، الأولى ضد تنظيم داعش المنتشر بين حدود مالي والنيجر، والثانية وهي المعركة الأشرس مع تنظيم القاعدة في الساحل الذي يهيمن على مساحات كبيرة في مالي وبوركينافاسو ويحاصر مدينة تينبكتو، والثالثة مع "الجيش الأزوادي" المكون من الجبهات المسلحة المعترف بها دوليا والموقعة لميثاق سلام مع مالي.
- المعارك بدأت بالفعل، وتكبدت مالي المدعومة من فاغنر خسائر فادحة بعد خسارتها لستة طائرات في شهر واحد، وتدمير قاعدتين عسكريتين لها، وبدأت هذه الأيام في الاستعداد لمعركة رد اعتبار. - الجيوش الثلاثة تريد إثبات وجهة نظرها بعدم جدوى الوجود الفرنسي، الذي عجز عن استتباب الأمن في المنطقة طوال العقد الماضي، وأنها قادرة على هزيمة الإرهاب والثوار معا، متكئة على دعم مليشيات فاغنر وعلى غطاء سياسي روسي.
- ستشهد الفترة المقبلة غالبا معارك غير اعتيادية، بين جيوش هشة معظم تسليحها من أسلحة روسية تنتمي للجيل القديم، وبين جماعات إرهابية شديدة الخطورة، فضلا عن اتحاد الجبهات السياسية في أزواد التي أعلنت جهوزيتها لمعركة سياسية وعسكرية ضد خصومها في صحراء أزواد.
- سياسيا لا تزال المنطقة تمضي نحو سيناريوهات مفتوحة، فقد أعلنت فرنسا أخيرا سحب قواتها وسفيرها من النيجر، مع استئناف القواعد الأميركية عملها في تعقب الجماعات الإرهابية. كما وردت أنباء عن محاولة انقلاب جديدة في بوركينافاسو تصدت لها الأوساط الشبابية، فيما أعلن الحاكم العسكري في مالي تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية، مع استمرار الأزمة داخل النيجر بسبب الحصار المفروض عليها من قبل إيكواس، أدى إلى أزمة كبيرة في الكهرباء والسيولة النقدية وغيرها.
أخيرا، هذه الدول وكل حزام الساحل من المحيط الأطلسي وحتى البحر الأحمر، ومن خليج غينيا إلى المتوسط، انطلق فيها سرطان الإرهاب والهجرة وتجارة الأعضاء والمخدرات بما يفوق قدرة دول المنطقة مجتمعة، مع انفلات سياسي وصراعات عرقية وإثنية يستحيل كبح جماحها دون عمل دولي وإرادة حقيقية لوقف الفوضى المتصاعدة في المنطقة.
عمر الأنصاري