
أول انقلاب جرى في موريتانيا، لم يحدث في العاصمة نواكشوط بل في مدينة كيهيدي:
حدث ذلك، ذات صباح شتوي من يناير عام 1964، في المدينة النائمة بدلال على ضفاف نهر صنهاجة، فما كان يفترض أنه مؤتمر للأطر، حوله الراحل المختار ولد داداه، وسط حيرة الجميع، إلى مؤتمر استثنائي للحزب، وكان ذلك آخر مسمار يدقه الرجل، في نعش الديمقراطية الموريتانية،
سيوافق المؤتمرون على مقترح غريب الأطوار، تقدم به الرئيس، يقضي بأن يقوم كل نائب، بكتابة استقالته عند انتخابه، حتى تظل سيفا مسلطا على رقبته، فقد كان الرجل مصرا على التحكم في كل مفاصل الدولة،
رفض الكثيرون ذلك العبث السياسي، على رأسهم ، سيد المختار ولد بحي انجاي، الذي حاول أن يثني ولد داداه عن هذا الكفر البواح بالديمقراطية، وعندما أعياه الأمر، قدم استقالته ونأى بنفسه عن تلك المهزلة،
سيدفع ولد يحي انجاي ثمنا باهظا لموقفه ذاك ، حيث سيطمس اسمه من جميع سجلات تاريخ الدولة، وسينتهي به الأمر جثمانا مسجى في غرفة رطبة وباردة، داخل أحد المستشفيات السنغالية، بعيدا عن وطن طالما أحبه حتى النخاع،
وأما الإنقلابات في موريتانيا فستستمر، تارة تكون خشنة، تفوح منها رائحة أحذية العساكر، وتارة أخرى، تكون ناعمة لا طعم لها ولا رائحة،
تارة يعلن عنها البيان رقم واحد، وتارة أخرى تعلن عنها، اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
تعددت الحكايات والعناوين واحدة…
بشير ولد عبد الرزاق