طورت إفريقيا أنظمة هجينة، لا هي ديكتاتورية فتخشى ولا هي ديمقراطية فتحترم، أنظمة عاجزة عن العدل، عاجزة عن البناء، عاجزة عن السجن عاجزة عن القتل، فكيف تستقر؟ في أرجاء العالم يعرف كل قائد انقلاب أن الثرى ينتظره، ينتظره بمخلوقاته الشرهة، وفي إفريقيا ضمنا له إحدى الحسنيين : أن ينهب رئيسا فيجمع الثروة التي تتكشف، أو أن يعيش بطلا وطنيا تتقاطر دماء الأبرياء مدنيين وعسكريين من يديه تخضب حتى مقاعد البرلمان. لعل في حداثة تاريخ السلطة والفكر في القارة ما يفسر هذه العلاقة المختلة بالحكم.
يجب أن نختار الديمقراطية خيارا صادقا يقود إلى التنمية، أو أن نختار الديكتاتورية خيارا لا تزعزعه شفقة ولا تهزه ضغوط، لأن أسوأ مسالك التنمية هذه الأنظمة الهجينة التي تقلبها صحية، تنقلب دون أن ينكسر ظفر. لن أحدث عن الدكتاتورية فهي طريق مسدود طال أو قصر لن يقود إلا إلى الانفجار المأساوي، ولا شك أن أمثلة كثيرة تتقاطر إلى أذهانكم لدول أوصلتها الديكتاتورية إلى واقع حزين لا شك أنها تستحق بتاريخها وشعوبها أفضل منه، وإن كان المثال الصيني يشكل استثناء يستحق الوقوف عنده، ويستلزم أن نفرق بين ديكتاتورية الفرد وديكتاتورية المنظومة التي تفرز سلطة جماعة، مجلس شورى، تسعة رهط يفسدون ويصلحون، جزاهم الله عن شعب الويغور بما يستحقون. أما الديمقراطية فحديثها يطول وعلينا أن ننحت قوامها على ذائقتنا علنا نقبل أن نجود بما يستلزمه الدفاع عنها من تضحيات، لابد أن يخصص لها خطابها لتفهم فتشيد على أرضية تسمح أن تتسلل جذورها إلى قلوب الناس، لأنها لن تستقيم دون أن تتبناها العامة والخاصة.
الكذب يزهر ولا يثمر، وقد رصدت إفريقيا للتنمية منذ ميلاد دولها أزهار الانقلابيين، فحصدت واقعها الذي تعيشه.
وفق الله وأعان
د. م. شماد ولد مليل نافع