لكل أمة علاقة بالشعر، وعلاقة العرب به استثنائية، نظرا للطبيعة الركامية للموروث الشعري للغة بسط عليها القرآن طرفا من عباءة المحفوظية، فاستطال شبابها، فهو في متناولهم يتناقلونه تعبيرا عن مقاصدهم العصية، فيؤمن مشتركا لغويا بين قبائلهم المتباعدة فدولهم لاحقا. ولأن لمتناولية الشعر العربي دور جوهري في مكانته لزم الحفاظ عليها من ناحية، ومن ناحية أخرى علينا أن نكف عن الاعتقاد بأن موسيقى الكلمات تصنع لوحدها الشعر وأن نقلع عن تعنيف عبارات أكثر من اعتيادية لنتوهم أننا شعراء.من منظور الجمل، "الفتوة" لا تعدو في الغالب أن تكون ظاهرة اغتصاب.
لا يمكن أن نحصر الشعر في الرمزية التصويرية، لكنها دون شك نمط مثير من أنماطه، تجعل القصيدة لوحة بالكلمات لا تحتاج فقط إلى شعراء بل إلى شعراء رسامين، خبروا زيت اللغة، وروض لهم أَيْض الثقافة ريشة المعنى، وتجعل المتذوق مغامر يلاحق خيوط الجمل، فتولد نخبوية قد تفضي للأسف إلى غربة الشعر، في مجتمعات اعتادت أن يكون على مائدتها. من المهم أن نتعامل بقسط، لأن من حق الشعراء أن يختاروا أنماطهم دون أن تترتب على ذلك أحكام على "الشاعرية" ولأن الرمزية التصويرية في الحقيقة تتطلب مستوى من تحصيل وتَأيِيض الثقافة لعل الكثير من الشعراء الشباب في طور بلوغه،ويجب "أن ندع للزمن وقته".
وفق الله وأعان
د. م. شماد ولد مليل نافع