بدأ مسار التعريب يتحرك في بلادنا منذ عام 1959، وكانت انطلاقتُه من قاعدة النظام التعليمي نفسِه ضمانةً قويةً لديمومته ولفرض توسّعه كي يشمل بقية القطاعات الأخرى دون عوائق أو مشكلات كبيرة. وفي هذا السبيل قامت الدولة بتكوين ودمج مئات من خريجي المحاظر كمعلمين وأساتذة ومفتشين، واستقدمت من الخارج مئات المدرسين العرب، وأوفدت آلاف الشباب الموريتانيين للدراسة في المدارس والجامعات العربية، وأنشأت كلا من المعهد التربوي الوطني والمدرسة العليا لتكوين الأساتذة، وسمحت بنظام «الاستماع الحر» الذي فتح البابَ أمام التحاق خريجي المحاظر بنظام التعليم العصري.
لكن هذا المسار واجه أربعَ مطبات أعاقته وأفرغته من مضمونه:
1- إصلاح عام 1979 الذي أنشأ نظامين تعليميين أسهما في تكريس الثنائية الفئوية.
2- منْعُ «الاستماع الحر» في عام 1981، مما أعاق تمدرس الطلاب المحظريين وساهم في بروز المدارس الخاصة وتكاثرها كالفطر.
3- إصلاح عام 1999 الذي أعاد الفرنسية إلى مكانتها السابقة في غياب الشروط الضرورية لذلك.
4- الإبقاء على معظم القطاعات والوظائف المهمة مفرنسةً، مما أغلق الباب عملياً أمام حملة الشهادات من الخريجين المعرّبين.