لستُ من متابعي كرة القدم، بل إني أعتبرها من وسائل الإلهاء عن المشاكل والتحديات التي تواجهها الأمة، ومع ذلك فقد استوقفني حفل الافتتاح المتميز لبطولة كأس العالم المنظمة في قطر، كما استوقفتني كذلك النتيجة المشرفة التي حققها المنتخب السعودي في لقائه مع منتخب الأرجنتين في أول إطلالة كروية له في هذه البطولة.
نعم لقد استوقفني نجاح قطر في تنظيمها لبطولة كأس العالم، ومحاولتها الجادة لتقديم صورة مشرفة عن الثقافة العربية والإسلامية خلال حفل الافتتاح، وذلك على الرغم من محاولات التشويش القادمة من "العالم المتحضر". كما استوقفني كذلك فوز المنتخب السعودي على منتخب عريق في كرة القدم يلعب فيه نجم جعل منه المعلقون والمهتمون بكرة القدم صنما في كرة القدم لا يمكن تحطيمه.
نعم استوقفتني تلك النجاحات، وأنا الذي أتذوق يوميا ـ كأي عربي آخر ـ طعم الهزائم والخيبات المتتالية، وأتنفس في كل حين رائحة الفشل والانكسارات التي ملأت فضاءنا العربي، من شرقه إلى غربه، ومن جنوبه إلى شماله.
في زمن الهزائم والانكسارات يتعلق المرء بكل بريق انتصار قد يلوح له الأفق، ومما لاشك فيه أن بريق الانتصار الكروي، قد لاح من خلال تنظيم قطر لكأس العالم 2022، وكذلك من خلال حسن أداء المنتخب السعودي في مباراته أمام منتخب الأرجنتين.
ولعل من أجمل اللقطات التي جعلتني أحلم بأن تحقق لنا كرة القدم ما عجزت عن تحقيقه السياسية والدبلوماسية، تلك اللقطة التي شاهدتُ فيها ولي العهد السعودي بجنب أمير قطر وهو يشجع المنتخب القطري، وكذلك لقطة أخرى شاهدتُ فيها أمير قطر يتوشح بالعلم السعودي مشجعا للمنتخب السعودي في مباراته مع المنتخب الأرجنتيني.
الأجمل في كل هذا هو أن هناك تكامل أدوار يمكن أن يوسع من دائرة الانتصارات، فقطر نجحت في تنظيم الكأس نجاحا أدهش العالم، والمنتخب السعودي نجح في الأداء في أول مباراة له، ونرجو له أن يواصل أداءه الجيد في مبارياته القادمة، فيُمتع بذلك جمهورا عربيا واسعا بات متعطشا لتحقيق أي انتصار في زمن شحت فيه الانتصارات، حتى ولو كان ذلك الانتصار مجرد انتصار كروي.
نرجو لبطولة كأس العالم المنظمة في قطر أن تحقق المزيد من التقارب بين أمير قطر وولي العهد السعودي، وأن تساهم في الحد من الخلافات العربية العربية التي أضعفت العرب وأرجعتهم سنين وعقودا إلى الوراء، ومكنت منهم خصومهم الإقليميين والدوليين والذين جعلوا من بعض الدول العربية ساحات لتنافسهم وصراعاتهم .
ونرجو كذلك أن تساهم الحملة الدعوية الراقية للتعريف بالإسلام، والتي أطلقتها قطر على هامش نهائيات بطولة كأس العالم في دخول بعض الجمهور الرياضي في دين الإسلام، وكذلك في تحسين صورة الإسلام لدى جمهور كرة القدم ونجوم هذه الرياضة التي تزداد شعبيتها يوما بعد يوم، وبشكل رهيب.
حفظ الله العرب...
محمد الأمين الفاضل