من حق الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يؤكد أنما سيفتحه مع الأطياف السياسية هو "تشاور" جماعي مكمل للتشاور الفردي الذي واصله منذ وصوله للسلطة ولاقى القبول وشمل جميع قادة الأحزاب المرخص لها وغير المرخصة وقادة الرأي غير المصنفين.
فالرئيس في هذا الموقف قوي بثقة غالبية الشعب الذي انتخبه وليس محتاجا لتأييد أيٍّ كان.
المنطقي هنا هو أن توضع المشاكل كلها الحقيقية وحتى "المختلقة" على الطاولة وأن تُقترح لها حلولٌ وأن يسعى النظام لتطبيقها بآليات سيضعها هو لا غيره.
أما الذي يدفع له دعاة الحوار الجدد ذوو الخطاب المستغرب، فهو تجريد الرئيس من قوته الدستورية وفرض أجندة سياسية عليه ووضعه في زاوية ضيقة وربما فرض حكومة ائتلاف وطنية بدعوى تنفيذ مخرجات الحوار، وهذا يتعارض مع المعطيات وسيجعل البلد مرتهنا لإرادات أخرى شاذة وخارجية.
هذا المسعى يذكرنا بوضعية مررنا بها عام 2005 وعرفتها دول أفريقية في تسعينيات القرن الماضي: شهدت هذه الدول ثورات وأزمات أطاحت بأنظمة ديكتاتورية وحدث فراغ وتم ملؤه بالمؤتمر الوطني والحوار الوطني أي بآلية Conférence nationale .
تلك قضية أخرى وواقع آخر يدندن البعض اليوم لفرضه على بلدنا وهو أمر مرفوض على طول الخط.
كما أكد الرئيس بوضوح فنحن لسنا في حالة أزمة وطنية تفرض الحوار وإنما في وضعية نظام يرغب في التشاور الموسع لإخراج توصيات تساعد في حل المشكلات القائمة وليس لتبني طروحات سياسية يعيش البعض بالمطالبة بها وبالتهديد بها.
نتشاور ونحن الحاكمون وانتم السياسيون : نعم .. نتحاور متنازلين عن موقعنا الدستوري لتفرضوا اجنداتكم الخفية والاعتراف بواقع آخر تتخيلونه :لا.
هكذا يبدو المشهد وهكذا يجب ان تفهم الامور : فهناك فرق كبير بين من يسعى ليحقق مكاسب له مستغلا الظرف ومن يسعى ليحقق لموريتانيا استقرارها ويضمن لها انسجام وقوة وحدتها ويكفل لها السير الآمن نحو المستقبل.