أملا في المشاركة الموضوعية في تقييم سنتين من حكم فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وتحديدا في المجال الاقتصادي فسأركز على استعراض جملة من المحاور التي نعتبرها أساسية سبيلا لتحقيق نمو متسارع ومستدام عادل و شمولي لضمان دمج أوسع لمختلف الطبقات في دائرة الاقتصاد.
إن آمال الشعب الموريتاني كبيرة وثقته قوية في نظامه وتطلعاته مشروعة في مطالبة المزيد والتسريع من وتيرة تجسيد الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المعلن عنها في برنامج تعهداتي وكذلك في خطة الإقلاع الاقتصادي.
لكن في المقابل قد لا يخفي ما يوجهه النظام من تحديات ليس فقط بسبب هول صدمة جائحة كورونا و مدى قوة تأثيراتها على الاقتصاد الموريتاني المرتبط عضويا بالاقتصاد العالمي تصديرا و استيرادا و تمويلا و استثمارا و ما يتطلب تجسيد السياسات الاقتصاد و حصد ثمارها من وقت سيما إذا كانت المعوقات تراكمية والإخفاقات الاقتصادية متكررة و البرامج والسياسيات القطاعية ارتجالية طيلة العقود الماضية، حيث ظلت معدلات النمو متذبذبة و مؤشرات الفقر مرتفعة و البطالة متفاقمة و المديونية الخارجية متراكمة و الفساد يتوسع ويتعقد معطلا أداء وفعالية مختلف القطاعات الحكومية و مؤثرا على مصداقية البلد مع الشركاء الماليين والفنيين .
وفيما يلي استعراض أهم تلك الانجازات :
أولا: أهمية القطاعات الإنتاجية
تعتبر ترقية القطاعات الإنتاجية خيارا استراتيجيا بامتياز لإعادة بناء منظومة إنتاجية حقيقية قادرة على ضمان استغلال الموارد المحلية سبيلا لتحقيق تنمية مستدامة تزيد من القيم المضافة وتضمن الأمن الغذائي و تعزز من محاربة الفقر وتساهم في خلق فرص العمل بدل التركيز على القطاعات الاستخراجية الريعية( خامات الحديد ، الذهب ، النحاس ) ذات المردودية الضعيفة على الموريتانيين
لقد وفق النظام في التركيز على قطاعات (الثروة الحيوانية والزراعة) التي هيالضمان الفعلي لاستفادة أوسع لمختلف مكونات الشعب الموريتاني انتاجا واستهلاكا وتسويقا. حيث تم رسم برنامج ووضع سياسات وتنفيذ مشاريع وفق مقاربة تشاركية مع تفعيل ملحوظ للقطاعات الوصية واستقطاب للاستثمارات الخصوصية المحلية والأجنبية .
إن إضافة "اسم ترقية القطاعات الإنتاجية لوزارة الشؤون الاقتصادية، بالإضافة إلى فصل قطاع التنمية إلى وزارتين للتنمية الحيوانية والزراعية هو دليل واضح على تناغم هذه التوجهات لتحقيق أهداف استراتيجية النمو المتسارع و الرفاه المشترك المنسجمة مع برنامج تعهداتي الرامي لتعزيز الأمن الغذائي وتنويع الاقتصاد الموريتاني.
وفي هذا السياق فقد أشرف رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني على انطلاقة الحملة الزراعية 2021-2022 من روصو بتاريخ 5 يوليو 2021، بالإضافة إلى حزمة من المشاريع الملحقة لترقية الاقطاع وفق مقاربة تنموية ترتكز على تحسين ظروف الإنتاج الزراعي وتخفيض تكاليفه، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية التي لم تكن تتجاوز 4طن للهكتار.
كما أشراف فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني على افتتاح منتدى الثروة الحيوانية في مدينة تمبدغه بتاريخ 31 مارس 2021 حيث توج بإنشاء صندوق وطني لترقية الثروة الحيوانية بمبلغ 8 مليارات اوقية، بالإضافة إلى انشاء مؤسسات عمومية لتطوير الثروة وتحسين السلالات مع مشاركة واضحة للقطاع الخصوصي.
ثانيا : إصلاحات تنظيمية و قانونية
لقد عمدت وزارة الشؤون الاقتصادية وترقية القطاعات الإنتاجية إلى القيام بجملة من الإصلاحات التنظيمية والقانونية لترقية الاستثمارات وتطوير الشراكة بين القطاع العام والخاص، بالإضافة إلى تنظيم أطر الحكامة الاقتصادية .حيث تجسد ذلك في إنشاء وكالة وطنية لترقية الاستثمارات لرسم سياسية استثمارية جديدة و العمل على خلق بيئة تمكينية لممارسة الأعمال في البلد و إعادة هيكلة و تفعيل منطقة انواذيبو الحرة ، بالإضافة تعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي تمت المصادقة.
ثالثا : توسيع مشاركة القطاع الخصوصي في المسار التنموي
لقد ساهم توسيع الشراكة مع كل الفاعلين الاقتصاديين إلى إعادة بناء ثقة جديدة مع كل المجموعات الاقتصادية لتساهم مع القطاع العام في تسريع وتيرة البرامج الاقتصادية وهو ما تجسد في الحضور الفعلي للقطاع الخاص في معرض التنمية الحيوانية وفي افتتاح الحملة الزراعية، بالإضافة إلى الشراكة المتواصلة مع الحكومة من أجل تعزيز تموين السوق ومحاربة ارتفاع الأسعار وإيجاد حلول عملية لتشغيل الشباب
إن مواصلة الإنجازات الاقتصادية والمحافظة على التوازنات الكلية و تكثيف الاستثمارات العمومية و الخصوصية في القطاعات الإنتاجية وتحديدا في التنمية الحيوانية و الزراعية مع تحفيز أكثر للقطاع الخصوصي إلى المؤسسية و التمدد و التموقع في الداخل الموريتاني و تفعيل أطر الحكامة كلها عوامل قد تضمن تنويع الاقتصاد ومحاربة الفقر و تحقيق الأمن الغذائي و فك عرى التبعية الاقتصادية للعالم الخارجي في ظل جائحة كورونا
احمد والد ولد اعبيد الله
استاذ الاقتصاد الموريتاني بالمعهد العالي للمحاسبة وتسيير المؤسسات ISCAE