حسب بعض الصحف الاسبانية بدأ المسار القضائي في إسبانيا يتضح شيئا فشيئا فيما يتعلق بالدعاوي القضائية المرفوعة ضد رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وأمين عام جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
فقد انتدب الرجل الذي يستشفي في إسبانيا منذ شهر ونيف؛ مكتب محاماة إسبانيا متخصصا في تنازع القوانين وقضايا الترحيل والاستجلاب يقوده المحامي مانييل أولي سيزي
Manuel Ollé Sesé
يعرف عنه توليه المرافعات في قضية مقتل التبشيريين اليسوعيين في السلفادور التي شغلت الرأي العام الإسباني.
وقد وافق قاضي المحكمة الوطنية بإسبانيا سانتياغو بيدراس
Santiago Pedraz
على التوكيل وعلى إمكانية الاستماع للمدعى عليه عبر دارة ألكترونية مرئية مغلقة يوم واحد يونيو، ولم يتضح بعد هل سينوب المحامي عن السيد إبراهيم غالي -مع إمكانية ذلك في القانون الإسباني- أم أن إبراهيم سيتحدث مع القاضي بنفسه؟
وقد ظهر مؤخرا مقال للمحامي المذكور في صحيفة الدياريو أس elDiario.es ذكر فيه أن الدعاوي كيدية وغير مؤسسة تهدف إلى استغلال القضاء للإساءة لرئيس دولة وزعيم حركة تحررية تسعى للاستقلال حسب تعبيره.
الرجل يواجه دعوى بالسجن القسري والتعذيب رفعها مدون صحراوي يحمل الجنسية الاسبانية منشق عن جبهة البوليزاريو، إضافة إلى دعوى من منظمة غير حكومية إسبانية يقودها أفراد صحراويون موالون للمملكة المغربية تحمل في محتواها تهما لعدد من القيادات الصحراوية ومن ضمنهم الرئيس غالي نفسه بالقتل تحت التعذيب والتسبب في الاختفاء القسري ومحاولة إبادة النخبة الصحراوية التي تحمل الأوراق الإسبانية لتكون منبتة من المستعمر السابق. كما لم يتضح بعد ما إذا كان تم قبول دعوى ثالثة ضد الرجل بولوج التراب الاسباني بأوراق مزورة كثر الترويج لها كثيرا من طرف الإعلام المغربي و الموالي للمغرب.
ومن الناحية السياسية فإن قدوم الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي تسبب في أحداث كبيرة بين إسبانيا والمغرب وصلت لحد إخراج الجيش الاسباني إلى جيبي سبته وإمليليه بعد تمهيد المغرب الطريق لجيش من المهاجرين غير النظاميين جزء منهم قصر لولوج المجزورتين اللتين يعتبرهما المغرب محتلتين.
كما تمثلت في استدعاء المغرب لسفيرته في مدريد للتشاور؛ وصدور تصريحات حادة تجاه المغرب من كوادر كبيرة في الاتحاد الأوروبي.
وفي خضم هذه التطورات كثرت الأحاديث الإذاعية والمرئية والمكتوبة لوزيري الخارجية للبلدين وصلت حد التنافر والتنافض. كما حملت النسخة الاسبانية من موقع الوكالة المغربية للأنباء لأيام تصريحا صحفيا للوزير المغربي للخارجية تذرع فيه بتعب الشرطة من نهاية رمضان مما تسبب في الهجرة الجماعية إلى سبته. كل ذلك رغم اعتراف عضو بارز في الحزب المغربي الحاكم على صفحته على الفيسبوك بحق المغرب في "مد رجليه" إلى سبته.
أما على المستوى الصحراوي فقد استطاع صحفي إسباني خداع وزير صحراوي مرافق للرئيس غالي وانتزع منه شيئا من الاستهزاء بالدعوى الحالية وقد اعتذر الأخير عن الأمر ووصفه بالخديعة، ويلاحظ التزام الصمت في الغالب حتى الآن حول الدعاوي من قبل الناطق الرسمي باسم الحكومة الصحراوية.
الرئيس الصحراوي الذي يتعافى ببطء -حسب المقربين منه- يحمل جواز سفر دبلوماسيا للاتحاد الإفريقي وقد وصل في طائرة عسكرية جزائرية رفقة ابنه ووزير صحراوي وأطباء جزائريين وصحراويين؛ ورحلة علاجه محسوبة العواقب والتداعيات فيما يبدو، وقد شكلت حتى الآن وقيعة كبرى بين المملكتين المتجاورتين المعنيتين بالصحراء الغربية، إسبانيا التي احتلت الإقليم لتسعين عاما والمملكة المغربية التي يعتبرها البوليساريو المحتل والمستعمر الحالي لثمانين في المائة من الإقليم منذ زهاء نصف قرن.
وتوشك رحلة استشفاء إبراهيم غالي أن تلد خلافا إفريقيا إفريقيا على مستوى آديس أبابا مقر الاتحاد الإفريقي من جهة وتتسبب في خلاف إفريقي أوروبي من جهة أخرى.
صحيح أن الخلافات المغربية الإسبانية هي أقدم وأكبر من أن تختزل في هذه الأزمة حيث أن إقرار البرلمان المغربي لجرف المملكة القاري لم يرق لإسبانيا خصوصا في تماسه مع أرخبيل كناريا. وصحيح أن المغرب ينتظر بفارغ الصبر جلسة المحكمة الأوروبية في شهر يونيو 2021 بخصوص الاعتراف بسيادته على الثروة السمكية الخاصة بالصحراء الغربية؛ لكن القطرتين اللتين أفاضتا الكأس هي الرفض الأوروبي لقرار الرئيس الأمربكي الأسبق المتعلق بمغربية الصحراء ووصول غالي الذي يقول المغرب إنه رجل يحاربها ويحمل السلاح ضدها إلى إسبانيا لدواع تقول إسبانيا إنها إنسانية.
وبين الرسائل والرسائل المضادة على جانبي مضيق جبل طارق يتحول الكهل الصحراوي المريض الذي قاد الحرب لستة عشر عاما ضد المغرب وشارك في صناعة وقف لإطلاق النار معها لتسعة وعشرين عاما وأشعل الحرب ضدها منذ نفمبر 2020 وحتى الآن، من محارب ميداني للمغرب في الصحراء الغربية إلى محارب لها في غرب المتوسط وهو على فراش المرض. إن لم يكن هو فمن الذي فعلها إذن ؟