الفرنسية ليست لغة وطنية ولم تعد اللغة الرسمية لكنها اللغة الأم للدولة الموريتانية
يرى العميد أحمد سالم ببوط أنه:"يمكن أن نعتبر أن المجلس الدستوري قد رأى أن المادة 6 من الدستور كان هدفها أن تخلع عن اللغة الفرنسية طابع الرسمية فى موريتانيا دون القضاء نهائيا على استعمالها: وبهذا القرار يبدو لنا أن هذه الهيئة العليا أعطت أرضية قانونية للوضع الذي كان قائما قبل 1991 فيما يتعلق بعلاقة موريتانيا بالفضاء الفرانكفوني الذي ظلت منتمية إليه."
مصداق رأي العميد :
صراحة :
-تقديم كل مشروع أو مقترح قانون إلى النواب فى نسختين عربية وفرنسية .
-فضلا ،فى نفس السياق" عن الازدواجية فى مرحلة الصياغة ، و ما يشاع عن أسبقية الفرنسية فى التحرير و اعتماد الترجمة منها إلى العربية لاحقا.
- تقديم نسختين من النصوص إحداها بالعربية والأخرى بالفرنسية -حالة الإحالة الاختيارية والإلزامية - إلى المجلس االدستوري .
-إصدار الجريدة الرسمية فى نسختين :عربية وأخرى فرنسية .
-قاعدة مرجعية النص العربي بالنسبة للنص الفرنسي هى الأخرى دليلا صريحا على ذلك.
بالقياس:
-اللغة العربية لا تفوق بمقتضى الدستور المكانة المعطاة للشريعة الإسلامية ، وتعطيل تطبيق الحدود و القصاص أو الدية المقررة بحكم قانون العقوبات ، والتى يحكم بها القضاء يكشف عن نصوص قانونية وجدت لمراعاة مزاج شعبي متمتع برفاهية التعبير عن خياراته دون مواربة ،و ممارسة واقعية تتم بإشراف سلطة عمومية محكومة بحتمية لا تتيح لها الاتصاف بالحدية .
-كانت اللغة العربية مجرد لغة وطنية حسب المادة 3 من دستور 22 مارس 1959، فى حين اعتبرت الفرنسية هى اللغة الرسمية .
استمر الوضع على نفس الحال مع دستور 20 مايو 1961 حتى صدور القانون الدستوري رقم 68-065 بتاريخ 4 مارس 1968 ، حيث أصبحت :"اللغة الوطنية هى العربية ، اللغات الرسمية هى الفرنسية والعربية".
حمل دستور 20 يوليو 1991 تغييرا جوهريا حيث بمقتضى المادة 6 أصبحت :"اللغات الوطنية هى العربية البولارية والسوننكية والولفية . اللغة الرسمية هى العربية "
يكشف هذا المسار على مستوى النص الدستوري تراجع مكانة اللغة الفرنسية لمصلحة اللغات المحددة للهوية الوطنية ، لكن ذلك تراجع مكانة لا إنهاء وجود.
التحول الناجز على مستوى المكانة واكبته منظومة تربوية أقل توفيقا وأكثر ترددا ، ما أوجد نظاما تربويا سمته الأساسية تكريس الفشل فى تحقيق الأهداف سواء كانت تحقيق التعريب أو السعي لضمان الازدواج اللغوي ، على أن المشترك بين كل سياساته هو الإبقاء على وجود فعلي للغة الفرنسية .
لكل ذلك كان موقف العميد ببوط مؤسسا حين اعتبرأن "سحب صفة الرسمية عن اللغة الفرنسية لا يعنى القضاء نهائيا على استعمالها "
السر فى مفارقة بقاء وحضور الفرنسية دون سند قانوني هو كونها مثلت اللغة الأم للدولة الموريتانية؛ فبها تعلمت ونطقت أول مانطقت وبها دونت أول ما كتبت وبها تخاطبت نخبها التى حكمت ولا زالت تحكم حتى حينه.