تتشابه كل القضايا الكبيرة ـ التي تهز بخروجها على المألوف واقع البلد اليومي وتحدث جدالا حادا تنقسم حوله منازل الرأي الاجتماعي والسياسي والديني والفضولي ـ إلى حد لا يدع مثقال ذرة من الشك في أنها من صنائع ومكائد ودسائس وحيل وفجور "العصابات" التي تجمع بين:
- "المظهر الطاهر" المعتق بشمائل الدين الخالي من الشوائب اللفظية، وبمسطرة أخلاقية لا تتجاوز الحناجر ومتن الأنظام والأشعار التي تحتويها، وبالفروسية الأسطورية التي تغطي أبشع التجاوزات وأمهن المؤامرات من ناحية،
- و"الباطن الفظ" المثقل بالجرأة على الدين وتحوير مقاصده وأحكامه ببراعة داهية واللعب بالتوازنات الماضوية الحية في قوالبها الظالمة من ناحية أخرى.
فعلاوة على القبول بالنهب الممنهج لممتلكات الدولة ومقدرات الشعب كالأمر العادي وترك الأمر يمر مرور الكرام كأن من حق الذين قاموا به النجاةَ و السلامةَ و التقديرَ و الاحترامَ، لا المحاسبةَ والمعاقبة على شنيع الفعل ومدمره، هناك أيضا التطاول على ممتلكات الشعب الضعيف وأخذها بالحيل والقوة ولا ديك صارخ كما جرى في قضية الشيخ الرضى التي تضرر من جرائها الآلاف، منهم من يهده المرض ومنهم من قضى نحبه كمدا وألما، ومنهم من ينتظر وقد انطفأ من حوله الأمل وتكالبت عليه بعض ذئاب المحامين عساهم يجدون من القصعة نصيبا، كما انفجرت منذ أيام قضية القطع الأرضية، لاعبوها وبيادقها ممن لهم اليد الطولى على البلد؛ القضية التي ما زال صدى انفجارها يصك الآذان ودخان حريقها يلف تداعياتها بغموض ليس بالغريب على مكر الماكرين في هذه البلاد والذي يعجز الأذهان ويحير العقول.
والعجيب الغريب أن هذه القضايا المنكرة تلامس، على شذوذها، شغاف النفوس فترى الجميع يتلهون وينشغلون بها عن كل فعل إيجابي من شأنه أن يصحح مسارا فاسدا لبلد يسكَرُ أهله بخمرة القضايا "المختلة" في شكلها و"المخلة" في جوهرها داخلَ حانات الكلام والجدال والخصام وعلى واجهات وبوابات وصفحات ونوافذ كل وسائط التواصل الاجتماعي كأنها زغاريد ودفوف عرس. فسبحان الله الذي له في خلقه شؤون.