خطأ نتنياهو القاتل.....حربه على ايران ستشوه تاريخه وتقوض المكانة الاستراتيجية لكيانه

 

الجريمة الحمقاء التي اقدم رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو فجر الثالث عشر من شهر يونيو الجاري كانت لتحقيق حلم يراوده من زمن بعيد بمنع اي دولة اسلامية تصنيع او امتلاك سلاح نووي, وذكر بالاسم ايران وباكستان, الاخيرة تجاوزته منذ عشرات السنين وصنعت وامتلكت القنابل النووية رسمياً منذ عام 1998, وبقيت ايران, الذي نذر جل حياته السياسية لمنعها من حيازة اسلحة نووية, ولكنه فشل وسيفشل ان شاء الله.

لنفترض جدلاً امتلاك ايران للسلاح النووي (رغم نفيها المتكرر لذلك), فان هذا لا يشكل تهديد وجودي مباشر للكيان الصهيوني وازالته من الوجود كما يحاول ان يصور نتنياهو وتاريخ العلاقة بين البلدين يثبت ذلك, بل العكس هو الصحيح, حوادث التاريخ تبين ان الكيان هو الذي تحرش بايران اولاً وهو الذي بادر بالاعتداء عليها ومن الطبيعي ان تقوم بالرد.

وربما من يتساءل لماذا يقوم الكيان الصهيوني بالعدوان على ايران بكل هذا الزخم اذا لم يكن السلاح النووي الايراني المزعوم يشكل خطر وجودي مباشر على الكيان, ببساطة لان وجود قوى نووية منافسة في المنطقة يعني تقويضاً لمكانة وقيمتها الكيان الصهيوني الاستراتيجية في المنطقة ومساساً بهيبتها وتآكلاً لنفوذها كقوي رئيسية لا نظير لها اقليمياً.

ربما يكون ذلك خطرأً استراتيجياً على الكيان, ولكنه بالقطع ليس خطرا وجودياً يبرر هذا الاندفاع والتهور ووضع المنطقة على حافة الهاوية والمغامرة بتعريض امن البشرية للخطر, علاوة على الزج بكيانه في اتون حربأً ساحقة بهذه الخطورة لا ارى فيها منتصراً لاسباب عديدة اهمها ان طرفيها لا يمثل نفسه فقط بل ينوب عن قوى دولية عظمى لها مصالح في المنطقة وهذه القوى لن تسمح بهزيمة حليفها بطريقة او باخرى.

الغرب وعلى رأسه 3 قوى نووية ودائمة العضوية في مجلس الامن (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) بالاضافة الى المانيا يحرص على احكام قبضته على المنطقة والسيطرة على مقداراته من خلال الحرص على بقاء دول المنطقة العربية الاسلامية هشة وضعيفة من خلال بقاء الكيان الصهيوني مغروساً بالقوة في قلبها, في حين تحرص 4 دول نووية اخرى بينها اثنتان دائمتا العضوية في مجلس الامن (الصين, روسيا, باكستان, كوريا الشمالية) على بقاء صمود ايران, الصين تربطها اتفاقية شراكة استراتيجية مع ايران, فهي تمثل حجر الزاوية في مشروع القرن الصيني (الحزام والطريق), ومن البديهي لن تسمح بانهيار ايران لان هزيمتها يعني انهيار هذا المشروع وتبخر تريليون دولار في الهواء ناهيك على انه يعني القضاء تماماً على اي تواجد لكل من الصين او روسيا في الشرق الأوسط ومنعهما من الاقتراب من المنطقة ربما لعقود قادمة.
لذا وردت تقارير من مصادر مخنلفة وصول طائرات عسكرية صينية محملة بمعدات دفاعية لايران وهذه قد تكون المرة الاولى تاريخياً التي تقوم بها الصين بتدخل عسكري خارج حدودها عبر ارسال منظومات دفاع جوي واسلحة وذخائر دعماً لايران وهذه رسالة مهمة جداً مفادها ايران مهمة للتنين ومفادها ايضاً ان الصين اليوم اصبحت دولة عظمى ولها مصالح وحلفاء تعمل على حمايتهم وراء البحار.

روسيا من جانبها تعتبر ايران حليف استراتيجي مهم جداً وقفت جنبها بكل صلابة في معركتها مع الغرب في اوكرانيا وليس سراً الانجازات الكبيرة التي حققتها القوات الروسية في هذه المعركة مستعينة بالطائرات المسيرة الايرانية.

من جهتها باكستان تشعر انها مهددة هي الاخرى لامتلاكها السلاح النووي وقد اشار الى ذلك صراحة رئيس وزراء الكيان نتنياهو بدون خجل او وجل كما سبقت الاشارة, هذا بالاضافة الى ان باكستان تمتلك بنية تحتية بالعسكرية صينية مقوماتها مقاتلات جوية متطورة جداً وانظمة دفاع جوي صينية والتي اثبتت كفائتها العالية الشهر الماضي في المواجهة مع الهند, التي كانت تعتمد على مقاتلات وانظمة دفاع جوي امريكية, من الطبيعي ان يكون ذلك مدعاة لوقوف باكستان في المكان التي تقف فيه الصين.

اما كوريا الشمالية فترى تجربتها تتكرر فى ايران حينما حاولت الولايات المتحدة منعها من ممارسة حقها الطبيعي والسيادي في امتلاك سلاحاً نووياً بالاستعانة بادواتها في شبه الجزيرة الكورية ولكن منيت الجهود الامريكية بالفشل وتكللت جهود بيونغيانغ بدخول النادي النووي من اوسع ابوابه منذ نحو عقدين حين قامت باجراء اول تجرية نووية في اكتوبر عام 2006, وكوريا الشمالية ترى ان الحرب الصهيونية الهمجية المدعومة غربياً على ايران تكراراً لنفس ذلك السيناريو الامبريالي الفاشل.  
أما تركيا ومصر تتحسسان رأسيهما, فبعض المراقبين يرشحون احداهما لتكون التالية في قائمة نتنياهو, ورغم عدم وضوح موقفهما الاستراتيجي علانية, الا ان الكثير من المحسوبين على دوائر صنع القرار في البلدين يقفان بكل قوة الى جانب الصين وروسيا وكوريا الشمالية وايران وباكستان, اما عن شعوب العالم بأسره فحدث ولاحرج.
غطرسة نتنياهو جعلت الكيان على كف عفريت, فها هي اسرائيل تخوض حرب حقيقية لاول مرة في تاريخها ضد دولة بقوات مسلحة نظامية منذ عام 1973 التي خسرتها مما استدعى تدخل الولايات المتحدة مباشرة في الحرب مما دفع الرئيس المصري الاسبق انور السادات للقبول بوقف اطلاق النار مطلقاً تصريحه الشهير "انا لا احارب الكيان الصهيوني, بل احارب امريكا", نعم وها هي تخسر الثانية ايضاً وفقاً لكل المؤشرات  المتوفرة حتى ساعة كتابة هذا المقال, ها هو الكيان يرى في عهد نتنياهو غير الميمون ما لم يراه في تاريخه, لاول مرة في التاريخ تدمر مربعات شبه كاملة في قلب تل ابيب واحيائها بهذه القوة, لاول مرة في التاريخ تدمر بيوت في تل ابيب فوق رؤس ساكنيها وتعمل فرق مختصة على انتشالهم من تحت الانقاض, لاول مرة تضرب مصفاة وميناء حيفا وتخرجان من الخدمة, لاول تضرب مقرات وزارة الحرب وجهاز الموساد, والشاباك وامان ومطار اللد ومقرات وقواعد ومطارات حربية وغيرها, لاول مرة نسمع عن "عرجاني صهيوني" يقوم بتنسيق تهريب وهروب صهاينة بقوارب بحرية الى بلدان مجاورة كقبرص ومالطا وبراً الى الاردن وحتى مصر مقابل الاف الدولارات, لاول مرة نسمع اصوات تدعو الرئيس الامريكي ترامب لتطبيق خطة لتهجير على سكان تل ابيب المدمرة ليتسنى اعادة بنائها وتحويلها الى ريفيرا, واظنه انه لن يحتاج لموافقة دول اخرى, فمعظم هؤلاء يحملون جنسيات بلدانهم الاصلية بما في ذلك 700 الف منهم يحملون الجنسية الامريكية كما قال مايك هاكابي السفير الامريكي في تل ابيب في منشور له على منصة اكس يوم 14 يونيو الجاري, ويمكن لهؤلاء العودة لبلادهم بكل سهولة ويسر, لاول مرة يستغيث الكيان بالغرب, ومن المرات النادرة يقوم اليكان ببث دعايات في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة لاستجداء الرأي العام الامريكي الذي بات يعرف حقيقته الدموية المرعبة...كل ذلك يمثل فشلاً مدوياً لنتنياهو ليختم حياته السياسية والشخصية بهذا العار الدامغ.

اخر الكلام:
لعل الصين اشطر واكبر تاجر على وجه الكرة الارضية وربما في التاريح البشري, وبالقطع ستكون قامت باجراء حسابات دقيقة, لذا ستكون خياراتها هي الاكثر دقة على الارجح, اي ان وقوفها مع ايران يدعو للتفاؤل.
 
المتحدث باسم الخارجية الإيرانية وعضو البرلمان مهدي كوتشك زاده يعلنان أن إيران تعمل على إعداد مشروع قانون عاجل للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية, وهذا يذكرنا بانسحاب كوريا الشمالية من تلك المعاهدة رسمياً هام 2003, وبعدها بثلاث سنوات فقط اصبحت تاسع دولة نووية في العالم.
 
د. سمير الددا
[email protected]

أربعاء, 18/06/2025 - 14:34