
تُعد الوسادة الجلدية، أو ما يُعرف محليًا بـ”الوسادة” أو “الأسادة”، من أبرز مكونات الأثاث التقليدي داخل الخيمة الموريتانية، إذ تؤدي وظائف متعددة تتراوح بين مسند للظهر، ووسادة للرأس، ودعامة للركبتين، وتُوضع غالبًا فوق الحصائر أو السجاد. كما يشكّل تقديمها للضيف أولى علامات الكرم والضيافة.
تصنع هذه الوسائد يدويًا من ثلاث قطع من جلد الغنم: وجهان مزخرفان، غالبًا ما يكونان بيضاويين أو مستطيلين بزوايا دائرية، ومصقولان بعناية؛ إضافة إلى شريط جلدي مصبوغ – عادة بالأخضر أو البنفسجي – يربط بين الوجهين ويمنح الوسادة سماكتها. وتُزيَّن الوسادة أحيانًا بأهداب أو شُرَيطات جلدية على الجوانب، وقد تختلف زخرفتها بحسب النوع: ذكوري، زواجي أو أنثوي. ويُطلق عليها في بعض المناطق اسم “صَرْمَايَة”، بينما يُستخدم لفظ “أُسَادَة” في الجنوب الغربي، ليشمل حتى الوسائد الحديثة المصنوعة من القماش.
أما الزخارف، فتتنوع بين نقوش مركزية محاطة بزخارف جانبية متماثلة، تتكون من عدد كبير من الرموز الدقيقة، ويمكن أن تكون هذه الزينة مرسومة (مَسْبُوغ) أو مضغوطة ومحفورة (مَرْشُوم)، باستخدام تقنيات محلية مثل “نَگَاص”.
ولأهمية هذه الحرفة التقليدية، خلد البريد الموريتاني هذا الموروث الثقافي بإصدار طابع بريدي سنة 1979 يُبرز الوسادة الجلدية كرمز فني وتراثي أصيل. ويُعد هذا الطابع أكثر من مجرد وسيلة بريدية، فهو أداة للتوثيق الثقافي، والإشادة بالحرف اليدوية، والمساهمة في ترقية التراث الوطني وصيانته من الاندثار. إن تخليد عناصر من التراث عبر الطوابع يُسهم في رفع الوعي بقيمتها، ويُعرّف الأجيال الجديدة والعالم أجمع على جماليات الثقافة الموريتانية الأصيلة.
من صفحة الباحث احمد محمود احمدو (جمال)