العربية التي حشا بها العملاء أفكار الجيل الجديد..

هذا تراكم بدأ ذات دعاية تقول: (أنت افيسد ولل كراي عربيه)، واكبنا ونحن أطفال هذه السخرية، وتلتها كلمة: (يلطف)، التي أطلقت على تلاميذ الشعبة العربية، فنفرت الناس من كل ما له صلة بالعربية، وأصبحت العربية بهذه الدعاية هي البداوة، والتخلف، هي وسخ الصدر والإبطين، هي الشعر الأشعث المرسل الثائر، هي حك الرفغين بعنف، وتخليل شعر العانة بالأصابع والناس يرون ويسمعون، هي مسح اليدين بعد الأكل على الأقدام، هي ابتلاع المخاط، والتجشؤ جهرا في المجالس، هي الصوت المرتفع إذا هدأ الليل، هي تدلي عجيزة المرأة، وهي المرأة تخرج  ثديها أمام الناس لترضع الصبي، هي تنظيف الأنف بالسبابة، وشم ما علق بالاسنان، هي اللحن في قراءة الأنظام، هي الفوضى، وعدم احترام إشارات المرور، هي قيادة السيارات برخص مزورة، هي التهرب الضريبي، هي التحايل، هي التغيب عن أعمال الملتقيات والحضور يوم توزيع التعويضات، العربية هي احتقار الدولة، وعدم الاكتراث بالمرافق العمومية..
والعربية هي (شاهد ما شاف حاجه)، هي النتن ينبعث من مغارق البدينات، هي عدم تحرير الدراعة والملحفة من قبضة الإليتين، هي الاستلقاء على القفاء في صالون مضيفك، وجعل قدمك اليسرى على ركتك اليمنى، هي سؤال الناس عن رواتبهم، وهي الدخول قبل السلام، هي خلع السراويل في المساحد، وتعليق القميص على التلفاز الحائطي، والوضوء في المغسل وسط الجلسة، هي العطاس بمكبر الصوت، والصراخ ب(يوي يوي، أوكوك)، فإذا نفر الناس إليك مشفقين مستفسرين قلت لهم (ماهوش ألا كنت نتمغط)، والعربية هي أن تسأل وأنت ضيف تمد يدك إلى أطاجين (هاذ يخوتي امعيز ولل انعاج)، والعربية هي أن تكون تاجرا في الأحياء الراقية ثم تقبل صدقات المحسنين، وأن تكون مكبا لفضلات طعام المنعمين في رمضان، فتغزوك الجفان، وتحاصرك القصاع، وأنت لا تعرف هويات ما فيها، فتثب إليها وضيوفك مقبلين، غير مدبرين، مبررين ب(الخير أخير من أهلو)..
والعربية هي البطالة المؤبدة والحرمان، وهي الأمية الحضارية..والعرببة هي فقط ضرب زيد عمرا..

 

هذه  هي العربية التي حشا بها العملاء أفكار الجيل الجديد...

 

أما الفرنسية عندهم فهي الثقافة، هي النظافة، هي التأنق في الملبس، والحلاقة، هي الروائح الفواحة للعطور الأصلية، الفرنسية هي القراءة والمطالعة، وتصفح جريدة الصباح، هي القهوة بلست أدري، هي ضمور كفل المرأة ورشاقتها، هي نظافة المرحاض، والفرنسية هي احترام القانون، هي إجراء الفحوص الشاملة كل ستة أشهر، وهي الإصغاء إلى الآخر، هي الانضباط، والالتزام بأوقات العمل، هي عدم اختراق الطابور، والفرنسية هي حرية الرأي، والموقف، والتعبير، وهي الاستئذان قبل الدخول، وتسديد الفواتير في الآجال المحددة، واحترام خصوصيات الآخرين.. والفرنسية هي ضمان وظيفة المستقبل، والحياة الكريمة والرخاء..
هذه هي الفرنسية التي حشا بها العملاء أذهان الجيل...
فيا عجبا من جد هؤلاء في باطلهم، وفشل أولئك في حقهم.

اثنين, 21/04/2025 - 11:48