
صبيحة يوم 9 إبريل 1989 وقع شجار تافه بين منمين موريتانيين من الفلان ومزارعين سنغاليين من السوننكي. في دياوارا، وهي بلدة صغيرة في مقاطعة باكيل شرق السنغال، على الحدود مع موريتانيا، بسبب حقوق الرعي، وكان هذا الحادث بمثابة شرارة التي فجرت أخطر أزمة تعرفها العلاقات بين موريتانيا والسنغال، خلفت مئات القربى والجرحى، وخسائر مادية كبيرة، وكاد أن يخرج عن السيطرة ويتحول إلى حرب بين البلدين..
وفى ذروة تلك الأحداث اندلع العنف الاعمى في البادين حيث القتل على الهوية، وفقد العشرات من الموريتانيين أرواحهم في المدن السنغالية وتم نهب محلاتهم التجارية على مرأى من السلطات السنغالية.. وفي موريتانيا فقد العشرات من السنغاليين والمواطنين الموريتانيين أرواحهم خصوصا في نواكشوط ونواذيبو. ورحلت موريتانيا المئات من مواطنيها من أصول افريقية الي السنغال ومالي بذريعة أنهم غير موريتانيين.. وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما نشر البلدان قواتهما العسكرية علي ضفتي النهر وأيدي كل منهما على الزناد لإطلاق الرصاصي الاولى في حرب قد تندلع شرارتها في أية لحظة.
الصواريخ العراقية تعجل بحل النزاع
كشف صحفي سنغالي عن جوانب سرية من خفايا الازمة الدامية التى اندلعت بين موريتانيا والسنغال فى ابريل 1989، والمساعي التي قامت بها بعض الاطراف الاقليمية والعربية لاحتواء الأزمة، وكيف فشلت جميع تلك الجهود في تهدئة التوتر ودفع الرئيسين عبدو ديوف ومعاوية ولد الطايع الي التجاوب مع تلك المساعي. فبالنسبة لوساطة الرئيس المصري حسني مبارك الذي أوفد وزير خارجيته بطرس غالي الى البلدين، فقد تم رفض الخطة المصرية من طرف ولد الطايع بعد حديث هاتفي بينه مع مبارك حيث قال له الأخير ان عبدو ديوف فى مكتبه ينتظر موافقته على خطة التسوية المصرية المقترحة، وهو ما اعتبره ولد الطايع فخا تم نصبه له ورفض بشكل حاسم المقترح المصري.
وقد أصبح الرئيس السنغالي أكثر استعدادا ومرونة للتجاوب بعد حصوله على معلومات مؤكدة بشأن التفوق العسكري لموريتانيا وأنها الافضل تسليحا وجاهزية عسكرية من السنغال بفعل حصولها على صواريخ وأسلحة متطورة من الرئيس العراقي صدام حسين. وأن الخطة العسكرية الموريتانية تتضمن قصف سينلوي ودكار وتدميرهما بمجرد أن تبدأ السنغال في أية أعمال عسكرية عدائية على الحدود بين البلدين.
وكشف الصحفي السنغالي تفاصيل الوساطة التي قام مدير المخابرات الفرنسية، كلود سييلبرزان، واللقاء الأول بين المستشار الدبلوماسي لولد الطايع ورئيس الأركان الخاصة السنغالي فى باريس والذي كان بداية مسار المفاوضات السرية بين الطرفين برعاية فرنسية والتي أفضت فى التهاية الى انهاء الأزمة بين البلدين واستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما فى ابريل 1992.