الاستخدام السياسي لاتفاقيات الهجرة

الحملة المضادة للأجانب من دول  غرب إفريقيا الآن فى موريتانيا، يخشى عليها من أمرين: أن تكون  مقدمة لنفير أعمى لا يعرف مقاصده ولا يميز بين ماهو حق وواقع طبيعي، فهذه منطقة لم تخل من هجرات بينية في الاتجاهين  عبر تاريخها، إذ كانت دوما مسرحا لتنقل وتداخل بين كافة شعوبها في أحوال الضيق والخوف والشدة. أما الأمر الثاني الذي يخشى منه، فهو أن تكون هذه الحملة  سوطا أوربيا  متعدد الاستخدام مثل عصا موسى "اهش بها على غنمي ولي فيها مآرب اخرى "..

ذلك ان موريتانيا، كما لا يخفى على أحد، هي ركيزة مواجهة ومحور  مقاربة أوربية لمواجهة دول الساحل، هذه المقاربة تشمل إلى جانب الاحتواء العسكري والحصار الاقتصادي بكل وسائله وطرقه، واتفاقيات الهجرة تدخل في  هذا السياق،  أي إحكام الخناق على الشعوب داخل بلدانها كي يزداد السخط  والاحتقان الداخلي. ولا جدال في أن موريتانيا ترتكب خطأ فادحا في تجاهلها لهذه الحقيقة. فهي تساق الى وضع تصبح فيه علاقاتها بجيرانها متوترة وحدودها محاطة بالمشاعر غير الودية.  والاوربيون بارعون في زرع  الشكوك والضغائن بين الشعوب فهو أمر تعلموه في تجاربهم بين أنفسهم وفي حروبهم الداخلية القذرة والطويلة، ان هناك رغبة مؤكدة  في أن يسود الانطباع  بين شعوب دول الساحل بأن موريتانيا دولة عدائية وأن شعبها يناصب شعوب الساحل العداء..

لقد نجحت اسبانيا والاتحاد الاوربي عن قصد في دق إسفين فرقة متزايدة بين الموريتانيين وشعوب الساحل من خلال دفع موريتانيا لإبرام معاهدة الهجرة ومن ثم  الترويج لها والحديث عنها بشكل محرج لموريتانيا، ثم عادت  اسبانيا بعد ذلك  دون مبرر أو دافع واضح لتقول بان موريتانيا يكتسحها المهاجرون واننا كاتحاد اوربي لم نقدم لها المال لمواجهة هذه الموجات. .ثم بعد ذلك بدات صحف أوربية اخرى مثل لفيغارو تندب وتولول بسبب ما قالت إنه احتلال وشيك لموريتانيا من قبل المهاجرين وحددت تاريخا لذلك  2029 .

الموريتاني الطيب المحافظ بطبيعته المتحرز من الغرباء بشكل فطري ستثيره هذه التصريحات والتقارير وسيعتبرها مؤشرا على  كارثة حالة تستدعي التحرك دون تاخير.. دون أن يدرك أو يخطر له ببال أن هناك من يخطط ويدبر في الظلام لتخريب المنطقة وضرب شعوبها بعضهم ببعض  ليسهل عليه نهبها ومواصلة التحكم في مصيرها وفق المبدإ القديم المتجدد:  فرق تسد.

اثنين, 03/03/2025 - 10:05