
يأخذ التلوث أنماطاً وأشكالاً مختلفة، مثل: تلوث الماء تُعاني المدن الكبري من تلوث الهواء نتيجة انتشار وسائل النقل المتهالكة ووجود المصانع وغيرها من مُسببات التلوث،وهي اشكالية عالمية نظرا لتركز المصانع والسيارات و غيرها من مصادر التلوث المعروفة
يمكن تقسيم التلوث المنتشر في بلدنا ، إلى تلوث الهواء، وتلوث التربة، ، والتلوث بالقمامة (خصوصاً بمخلفات البلاستيك)، والتلوث الإشعاعي، وغيرها من أشكال التلوث.
وعموماً، يُعرف التلوث على أنه دخول أو إدخال ملوثات على البيئة الطبيعية، تتسبب في آثار وتبعات سلبية.
يعتبر تلوث الهواء من أخطر أنواع التلوث،وأكثرها انتشارا على الإطلاق ،حيث تصنّفه منظمة الصحة العالمية على أنه طارئ صحي خطير بناءا على البيانات والإحصائيات العالمية، التى تُفيد بوفاة 7 ملايين شخص سنويا بشكل مبكر بسبب تلوث الهواء مايجعلنا ندق ناقوس الخطر من تلوث الهواء ،الذي يحتل نفس المرتبة من حيث التسبب في الهواء ،مع التدخين،والغذاء غير الصحي أيضا.
تدفع شعوبنا ومجتمعاتنا ، عبئا ثقيلا نتيجة تلوث الهواء، سواء على الجانب الإنساني أو الجانب الاقتصادي، نتيجة الاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة الأحفورية، كركيزة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي.
تتعدد وتتنوع أسباب تلوث الهواء الخارجي، فبعضها ناتج عن ظواهر طبيعية، مثل: العواصف الترابية، وحرائق الغابات، وإن كانت النشاطات البشرية تعتبر المسؤول الأول عن تلوث الهواء الخارجي، خاصة في مدننا التى تنتشر فيها بشكل مقلق مصانع لا تحترم الإلتزامات و لبروتوكولات البيئة ،ضف إلى ذالك ضعف الرقابة البيئية. قد ينتج التلوث من مصادر ثابتة، مثل: محطات إنتاج الطاقة التي تعتمد على حرق الفحم، أو بقية أنواع الوقود الأحفوري، أو من مصادر متحركة، مثل: الأنواع المختلفة لوسائل المواصلات، بما في ذلك: السيارات، وتحتل عوادم السيارات مكانة خاصة على قائمة أسباب تلوث الهواء الخارجي، نتيجة احتوائها مزيجاً من الغازات والمواد الكيماوية السامة التي تدخل إلى مجرى الدم، ومن ثم إلى معظم أعضاء الجسم بعد استنشاقها بفترة قصيرة. أما التلوث الداخلي في البيوت والمساكن، فينتج غالباً عن حرق أنواع الوقود الأحفوري، كالكيروسين، والفحم، والخشب، حيث يعتمد حالياً نحو 3 مليارات شخص على أنواع الوقود تلك، لأغراض الطهي أو لتدفئة المنازل.
ويتسبب الهواء الملوث في أمراض الجهاز التنفسي، مثل: سرطان الرئة، والالتهاب الرئوي الحاد، والانسداد الرئوي المزمن، كما تجد الجزيئات السامة التي يحملها هذا الهواء طريقها إلى مجرى الدم أيضاً، لتصل إلى القلب والشرايين، وتتسبب في الذبحة الصدرية، أو السكتة الدماغية. وأحياناً ما تتسبب في اضطرابات وأمراض عصبية، أو ربما مشكلات في الجهاز التناسلي وفي القدرة على الإخصاب والإنجاب. قد يؤدي استنشاق الهواء الملوث بشكل يومي، إلى نقص فعالية جهاز المناعة وتراجع كفاءته، وهو ما يجعل الشخص أكثر عرضة للعدوى بالأمراض التنفسية على مختلف أنواعها. كما أن المضاعفات المرتبطة بالهواء الملوث ، و قد تأخذ منحى أكثر حدة بين المصابين بأمراض مزمنة، مثل: ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب، أو أمراض الرئتين ، تمتد تبعات التلوث السلبية لتؤثر في نوعية الحياة أيضاً، وفي الحالة الصحية العامة، الجسدية والعقلية، بما في ذلك الحالة الصحية للأطفال حديثي الولادة. ففي تقرير صادر عن “اليونيسيف”، أكد علماء المنظمة أن 17 مليون طفل حول العالم دون عمر السنة، يستنشقون هواءً مسمماً، ما يعرض نمو أمخاخهم للخطر. ويعتبر أطفال جنوب آسيا الأكثر عرضة لهذا الخطر الصحي، حيث يقطن دول هذه المنطقة أكثر من 12 مليون طفل يستنشقون يومياً هواءً ملوثاً بمقدار ستة أضعاف الحد الأقصى المسموح به، بالإضافة إلى 4 ملايين آخرين معرضين لمخاطر التلوث في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادي. وقد وصلت درجة سوء الأوضاع البيئية في بعض هذه الدول، إلى حد إصدار توصيات بضرورة استخدام أقنعة الوجه عند الوجود في الطرقات العامة،
أصبح من الملح جدا اتخاذ الإجراءات الكفيلة بخفض التلوث في الهواء، والتي ربما من أهمها تفعيل القوانين والسياسات الكفيلة بخفض ملوثات الهواء، على مستوى مدننا الكبيرة ، مع العمل على رفع الوعي بين عامة الناس بحجم الخطر الذي يشكله تلوث الهواء. وهو ما من شأنه أن يولد نوعاً من الضغط الشعبي على الجهات المتخصصة بتفعيل تلك القوانين، ويدفعها إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بخفض معدلات التلوث في الهواء.
بقي أن نشير أن أعمدة من الدخان تنتشر في مناطق مختلفة من نواكشوط،خاصة في أوقات الذروة ،تتطلب تشجيعا لخفض أعداد السيارات التى تتجول ،خاصة إلى مناطق العمل المختلفة ،وما يتطلبه ذالك من تحسين النقل العمومي،و تشجيع المواطنين على اقتناء السيارات الكهربائية ،التى تًثبت الدراسات أنها صديقة للبيئة. وتشجيع تولي القطاعات الوظيفية اقتناء حافلات لنقل عمالها،وتشجيعهم بمنطق اقتصادي و بيئي، وكذا تحسين إدارة النفايات الصلبة التى تُأرق العاصمة نواكشوط عامة والمدن الأخرى خاصة.
محمد عينين أحمد
رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة