أهداف تصريحات ترامب والرد الانسب عليها

تصريحات ترامب المجنونة مستحيلة التنفيذ التي اطلقها في الرابع من فبراير الجاري اثناء زيارة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الاخيرة للولايات المتحدة ما زالت تتفاعل وتثير التساؤلات وتبعث على الحيرة والدهشة وتلقى تسونامي من ردود الفعل المستنكرة من شتى قارات العالم وطوفاناً من الإدانات الدولية وبشكل غير مسبوق, وتبرهن هذه الترهات المجنونة ان الرجلكسياسي فاشلٌ بإمتياز.

يتوقع من رئيس دولة عظمى كالولايات المتحدة ان يكون راعياً للشرعية الدولية والقانون الدولي ويملي عليه موقعه ان يقوم بحل الازمات العالمية وتسوية النزاعات الدولية وفقاً لقرارات الامم المتحدة وهيئاتها المختلفة, بما في ذلك حل القضية الفلسطينية بإلزام كل اطرافها وخصوصاً الطرف المعتدي بالإحتكام الى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والصادرة عن مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بما يراعي إرادة جميع دول العالم وخصوصاً "على اساس حل الدولتين" والتي تتبناه مختلف الادارات الامريكية قبل كل العالم تقريباً بما في ذلك رؤساء وزراء ووزراء صهاينة سابقين.

لكن بدلاً من ذلك استسهل قول ما قاله من تفاهات شاذة لا علاقة لها بعلم السياسة ولا قيمة لها, رفضها الجميع حول العالم بما فيهم أقرب حلفاء بلاده حول العالم واعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من حزبه والحزب الديمقراطي كما سبقت الاشارة, حتى هناك من رفضها في الكيان الصهيوني, فمثلا لا حصراً فقد قال الكاتب الإسرائيلي اوري مشعاف في مقال له نشرته الخميس 6 فبراير صحيفة هارتس العبرية "انه لن يكون هناك أي ترحيل من غزة، ولن يبني الأمريكيون هناك "ريفييرا"، لا توجد خطة، ولا عمل تحضيري، ولا جدوى، ترامب يهذي بلا معنى, لا يوجد من سيستقبل على أرضه مليوني فلسطيني, لسنا في أيام الحرب العالمية الثانية، فهذا هو أسلوب ترامب, فقد سبق ان اقترح في الماضي بناء فنادق في كوريا الشمالية بدلاً من الصواريخ النووية,وتحدث عن غزو بنما، والاستيلاء على غرينلاند، وضم كندا ", وتابع مشعاف "من المهين للذكاء أن نأخذ هذه التصريحات العشوائية على محمل الجد، , إنه مختل عقليًا تمامًا, وصحيح أن نتنياهو هو أيضًا مختل نفسي وبلا ضمير، لكنه ليس غبيًا مثله, فقد تجمد بعدم ارتياح عندما بدأ ترامب يهذي حول إخلاء غزة", وتابع الصحفي مشعاف "التعاطي مع مثل هذه التصريحات يعكس سطحية وكسلًا فكريًا", واختتم الكاتب مقاله بالقول "ترامب ونتنياهو بالفعل خبراء في القصف الإعلامي المستمر بأحاديث فارغة عن أمور لن تحدث أبدًا, ترامب لن يتذكر غداً ما كان يتحدث به بالأمس".

كان واضحاً كالشمس عند اختيار ترامب لأعضاء فريقه الكبار أن هذه الادارة الصهيونية حتى النخاع ستكون مع الكيان الصهيوني جنباً الى جنب ويدعمونه بلا حدود ظالماً او ومظلوماً, وكانوا يتابعون سير أحداث الحرب على قطاع غزة لحظة بلحظة  ويدركون تماماً ان ما فشلت في تحقيقه آلة الموت الصهيوامريكية ومن ورائها الغرب كله وحتى بعض دول المنطقة على مدى عام ونصف لن ينجح  ترامب في تحقيقه بهذه الهلوسات ولا بالمؤامرات ولا بالضغوط.

كل الظروف والاجواء التي اطلق خلالها ترامب تصريحاته تشير الى انهاليست اكثر من فرقعات إعلامية يريد توظيفها لتحقيق عدد من الاهداف أهمها:

1. احتواء حلفاء نتنياهو في اليمين المتطرف والمزاودة على تطرفهم بعد تعرضهم لضربة مؤلمة جراء الصفقة التي تمت بين اسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة وذلك بهدف تقويض معارضتهم للانتقال الى المرحلة التالية من اتفاق وقف اطلاق النار الذي رعاه منذ اكثر من اسبوعين ومن ثم بعد ذلك تسهيل تمرير مبادرات سلام مع دول المنطقة يخطط لها منذ فترة رئاسته الاولى.  

2. صيانة قوة الردع التي كان يتغنى بها الجيش الصهيوني بعد تعرضهالضربة قاصمة في اكتوبر 2023.

3. صيانة معنويات الكيان الصهيوني وخصوصاً

4. صرف الانظار عن وقائع جديدة أفرزتها التطورات التي عاشتها المنطقة في الاونة الاخيرة اهمها ان وكيل الولايات المتحدة في الشرق الاوسط رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو ووزراء وجنرالات ضباط كبار وحتى جنود في الكيان الصهيوني اصبحوا مجرمي حرب مطاردين حول العالم ومطلوبين للمحاكم الدولية لارتكابهم جرائم ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية, وهذا ما دفع نتنياهو لتغيير مسار رحلته الحالية الى واشنطن تجنباً للوقوع في قبضة دول اوروبية اعلنت انها ستلقي القبض عليه لو مر على أراضيها او فوق أجوائها او مياهها الاقليمية, وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى انهوفقاً للقانون الدولي ان كل من يساعد مجرم على ارتكاب جرائم حرب او من كان يعلم بنية مجرم على ارتكاب جرائم حرب وكان يستطيع منعه من ارتكابها ولم يفعل عمداً فهو شريك للمجرم الذي ارتكبها, وهذا ينطبق تماماً على الرئيس الامريكي وكبار اركان ادارته وهو ماصرح به الرئيس السابق بايدن وهو في السلطة قائلاً : "اثناء زيارتي لتل ابيب في اكتوبر 2023 اي في بداية الحرب استفسرت من نتنياهو عن استهدافه للمدنيين في قطاع غزة وخصوصاً النساء والاطفال فرد علي انكم انتم الامريكيين فعلتم ذلك في بإلقاء قنابل نووية على اهالي كلا من مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين عام 1945, فضكحت وقلت له حاول ألا تبالغ في الامر" أي في قتل المدنيين, وهذا تصريح رسمي من اعلى مستوى في الولايات المتحدة يعترف بعلمه المسبق بنية نتنياهو بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة ورغم ذلك قاموا بدعمه بالسلاح والعتاد والمشاركة الفعلية بارسال حاملات طائرات وبوارج حربية وغيرها لمساعدته وحمايته وتشجيعه لارتكاب جرائم ابادة جماعية, علاوة على توفير مظلة دبلوماسية وسياسية له للاستمرار في ارتكاب جرائمه ومنع اي محاولات لايقاف المجازر التي يقوم بها بما في ذلك منع مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة مرات عديدة من اصدار اي قرار يدعو لوقف الحرب, مما شجع نتنياهو وعصابته على ارتكاب مجازر غير مسبوقة في تاريخ البشرية راح ضحيتها عشرات الالاف من النساء والاطفال والشيوخ ومئات الالاف من الجرحى والمعاقين والمشوهين, وعشرات الالاف من الايتام والارامل والثكالى والمصدومين نفسياً, وحوالي 90% من البيوت والمرافق المدمرة وخسائر بعشرات المليارات من الممتلكات وغير ذلك من الاثار المدمرة والتي سيعاني منها ما تبقى من اهل قطاع غزة لسنوات مقبلة, وترامب اكد بتصريحاته الشائنة هذا التوجه عندما قال مهدداً اهل غزة "اذا لم يخرجوا سنكون اكثر عنفاً". 

5. الشاهد ان الولايات المتحدة بناءاً على شهادة رئيسها هي شريك كامل للكيان الصهيوني في ارتكاب جرائم الابادة الجماعية في قطاع غزة وفقاً للقانون الدولي, فاراد ترامب ان يصرف نظر العالم عن هذا الموضوع ففجر قنبلة اعلامية بحجم هذا الاتهام وربما تفوقه ضجة وفرقعة بهدف حدوث صدمة تلفت الانظار اليها وتصبح حديث العامة.

6. الالقاء بهذه التصريحات على طاولة صناع القرار في المنطقة كورقة لإبتزاز من سيتم التفاوض معه مستقبلاً, وكبالون اختبار لاستكشاف سقف تطلعات ومواقف الاطراف المختلفة, كونه يخطط لاستئناف تنفيذ خططه القديمة للشرق الاوسط, وهذا يعيدنا بالذاكرة الى فترة رئاسته الاولى وتحديداً عام 2020, حين كان يتم الترويج بأنه كان هناك تهديداً (بمباركة ترامبية) بضم الضفة الغربية المحتلة الى الكيان الصهيوني الغاصب وحينذاك تم تسويق التطبيع بين الكيان ودولة الامارات العربية على انه مقابل تخلي الكيان عن ضم الضفة الغربية, يبدو ان هلوسات ترامب اليوم تهدف لتحقيق الهدف ذاته, بمعنى اختطاف قطاع غزة كرهينة لابتزاز اطراف عربية والضغط عليها لدفع الفدية "تطبيعاً مع الكيان الصهيوني" مقابل التخلي عن سرقة القطاع وتركه لأهله, وهذا ما لمح اليه السيناتور الجمهوري جون هويفن كبير أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وحاكم ولاية داكوتا معلقاً على تصريحات ترامب حول غزة قائلاً: "أنها  ربما جاءت كتكتيك تفاوضي، ربما يحاول فرض قرار ما في تلك القضية الصعبة".

7. محاولة الالتفاف على مستجدات طفت على سطح الاحداث في المنطقة وأهمها الفشل الصهيوامريكي في تحقيق اي من الاهداف التي روجوا لها منذ البداية وتكبدوا في سبيل ذلك مئات مليارات الدولارات ومئات الالاف الاطنان من الاسلحة والمتفجرات والعتاد وآلاف الساعات من المفاوضات والاجتماعات والطيران حول مختلف عواصم العالم, ناهيك عن الاف القتلى وعشرات الاف المصابين والجرحى في صفوفهم ومئات الاف النازحين والمهاجرين داخل الكيان وخارجه وشبه انهيار في الاقتصاد الصهيوني وهجرة واقفال عشرات الاف الشركات والمصانع وورش البناء وتلف الاف الدونمات من الاراضي الزراعية, والاهم الضرر البالغ الذي لحق بسمعة الكيان الصهيوني كقاتل اطفال ونساء ومكانته الاقليمية والدولية وانهيار قدرته المطلقة على الردع والتي تعتبر حجر الزاوية في مكانته الاقليمية والدولية وثبوت فشل منظوماته العسكرية سواءاً دباباته التي كان يزعم انها الاكثر تطوراً في العالم بعدما شاهد العالم انه كان يتم اصطيادها كالارانب بمقذوفات وعبوات بسيطة وكذلك فشل منظومات دفاعه الجوية كالقبة الحديدية التي صدع رؤوس العالم بها زمقلاع داوود والسهم وغيرها وقبل كل ذلك فشل منظوماته الاستخبارية التي كان يتباهى بها عالمياً, واستطاعة بضعة شباب بامكانيات متواضعة تضليلها وخداعها بل والسيطرة على الكثير من خوادمها وقواعد معلوماتها واسر العديد من كوادرها.

8. محاولة تدارك الخلل الديمغرافي التي طرأ في الكيان الصهيوني على اثر هروب حوالي مليون صهيوني من فلسطين المحتلة الى بلدانهم التي جاءوا منها تداعيات الحرب التي اندلعت في السابع من اكتوبر عام 2023, فهو يحاول ان يطمئن من بقي من الصهاينة في فلسطين انهم في حماية الولايات المتحدة وبدلاً من تهجيرهم ها هو ينادي بتهجير اصحاب الارض, وفي الوقت ذاته محاولته هذه ستوجد نوع  من التوازن الديموغرافي على اثر عودة الكثير من الصهاينة الى بلادهم التي قدموا منها.

9. خلط الاوراق والإغراق بالتصريحات الأعلامية لصرف الانتباه عن حجم الدمار المرعب والفظائع الرهيبة التي ارتكبها الجيش الصهيوني في مختلف مناطق قطاع غزة وبدأت ملامحها تتكشف بعد انسحاب الجيش الصهيونيولاحداث فوضى وارباك هدفه دفع الأطراف العربية الى وضع الدفاع بدلاً من فضح جرائم الاحتلال الصهيوني.

10. محاولة خلق واقع تفاوضي جديد عن طريق احداث صدمة للوعي العربي، وارباك وخلق واقع حتى لو كان غير حقيقي وغير واقعي ولكنه بالتكرار المستمر (الامر الذي يحرص عليه ترامب)  يصبح خيارا للتفاوض سيستلزم التخلي عنه او تغييره ثمناً سياسياً باهظاً، وهذا ما يسعى اليه ترامب, رغم انه يدرك ان مايدعو اليه هو جريمة تطهير عرقي وتغيير ديمغرافي في مناطق تخضع لاحتلال عسكري وهذه من أخطر جرائم الحرب.

نعم يهدف ترامب الى كل ما الاشارة اليه وغيره, والسؤال المطروح لماذا يتصدر ترامب لهذه المهمة القذرة ؟, المنطقي ان الولايات المتحدة هي وراء كل الامكانيات الصهيونية التي اشرنا اليها, بهدف تكريس الكيان الصهيوني كقوة اقليمية مسيطرة وتضمن من خلالها السيطرة على المنطقة وضمان سرقة مقدراتها وثرواتها الهائلة, والفشل التي لحق بالكيان كما اشرنا هو في الحقيقة فشل للولايات المتحدة نفسها, وهو ما يصعب على دولة عظمى هضمه وتقبله, فمن هنا جاءت محاولة صرف الانظار عنه بفرقعة اعلامية مدوية تتناسب مع مستوى هذا الفشل المدوي وربما تفوقه دوياً وضجيجاً. 

السؤال المطروح: هل ينجح ترامب وعصابته بالبلطجة والتآمر والفهلوة تحقيق ما عجز عن تحقيقه صديقه نتنياهو وسلفه بادين وحلفاءه (في الغرب (الناتو)وحتى في المنطقة) بأشد أنواع الاسلحة التي عرفتها البشرية فتكاً وقتلاً ودماراً كحاملات الطائرات والقنابل وزن طن ودبابات الميركافاه وطائرات اف 35 واف 15 واف 22 والمروحيات الضخمة والمسيرات (الزنانات) والمخابرات المركزية والموساد والشاباك ومختلف اجهزة الاستخبارات الغربية واحدث تطبيقات الذكاء الصناعي في المجال العسكري واخطرها واشدها عنفاً وقسوةودموية......؟؟؟؟؟

وهل سينجح ترامب في سرقة ما دفع الغزيون حوالي 50 الف شهيد وحوالي 150 الف جريح وكل بيوتهم ومدنهم وقراهم وكل ممتلكاتهم للتمسك به والحفاظ عليه للدفاع عنه....؟؟؟؟؟

الجواب على كل هذه التساؤلات كلمة بسيطة من حرفين لا ثالث لهما........."لا".

هذا جواب منطقي وواقعي, فقد رأى العالم كله بسالة وصمود أهل غزةوشجاعتهم الاسطورية في الدفاع عن ارضهم وبلادهم وكيف كانوا يدمرون دبابات تبدو كوحش فولاذي ضخم ومرعب من المسافة صفر بإلصاق عبواتهم الناسفة عليها مباشرة باليد المجردة رغم ان هذه الدبابات تمتلك احدث الامكانيات التكنولوجية من رادارات وكاميرات مراقبة واجهزة استشعار من كافة الجهات ومثبت عليها رشاشات تطلق نيرانها آلياً على كل ما يتحرك في محيطها, وكيف قتلوا الالاف وجرحوا عشرات الالاف من ضباط وجنود الجيش الصهيوني الذي كانوا يتبجحون انه الاقوى في المنطقة والرابع في العالم وزعموا انه لا يقهر.

في هذا السياق, بثت القناة 12 العبرية الاحد 2 فبراير تقريراً تضمن تصريحاًللجنرال إيال زامير رئيس اركان جيش الكيان الصهيوني المعين اعترف فيه بمقتل اكثر من 6 آلاف ضابط وجندي بالاضافة الى 15 ألف اصابة حرجة اصحابها بحاجة الى اعادة تأهيل وذلك لغاية ديسمبر من العام الماضي وفقأ للتقرير, هذا على الرغم ان بيانات عسكرية رسمية كانت لا تعترف الا بحوالي900 قتيل فقط وما يقرب 3 آلاف مصاب.

وفي نفس السياق, لا بد من الاشارة الى ان الصحافة العبرية دأبت اثناء الحرب على نشر تقارير طبية صادرة عن مستشفيات ومؤسسات صحية داخل الكيان كانت تستقبل اعداد الجنود القتلى والجرحى, ووفقاً لهذه التقارير فان بعض المصادر قدرت تراكمات هذه الاعداد بعدة اضعاف ما اعترف به الجنرال زامير وقد تصل الى اكثر من 20 ألف قتيل وحوالي 50 الف جريح، مع ضرورة لفت الانتباه الى أن هؤلاء 100٪؜ عسكريون, وهذا بخلاف الضحاياالفلسطينيين فجلهم ان لم يكن كلهم من المدنيين العزل اطفال ونساء ومسنين, وصحفيين وإعلاميين وموظفي منظمات دولية وإغاثية، وأطباء ومسعفين وطواقم دفاع مدني ومن في حكمهم.

وهذا وقد كان لدى الفلسطينيين ما يخافون عليه, الان وقد تم تدمير كل مقدراتهم ولم يعد هناك ما يخافوا عليه, فلك ان تتصور كيف سيكون رد فعلهم على كل من تسول له نفسه الاقتراب من بلادهم...!!!!

اخر الكلام:

الولايات المتحدة واسرائيل دائماً وابداً تحشرا الدول العربية والاسلامية في زاوية الدفاع الضيقة, على الرغم ان هذه الدول التي يبلغ عددها 56 دولة تملك مساحات هائلة في فضاء السياسة

لرب ضارة نافعة, رئيس الولايات المتحدة هو الذي اقترح خيار التهجير كحل وحيد لحل القضية الفلسطينية, وإلا على الدول العربية إيجاد بديل, كما قالمستشار الامن القومي الامريكي الجديد مايك والتز "بأن هدف ترامب الضغط على الدول العربية للبحث عن حل بديل جدي"...!!!1

البديل جاهز, وهو حل اخلاقي وانساني ومنطقي واكثر عقلانية بخلاف ما هذى به ترامب, وهو كما يلي:

اولاً, على الدول العربية رفض تصريحات ترامب رفضاً حاسماً ورفض مجرد السماح بالتلفظ بها واعتبارها لم تكن.

ثانياً, على العرب والمسلمين مواجهة هذه التصريحات بمبادرات تفوقها دوياً إعلامياً وسياسياً وتدفع الكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة لزاوية الدفاع, وذلك بأن تبادر الدول العربية بالاعلان عن مبادرات فردية او من خلال جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي لاطلاق برامج وخطط وآليات لاسترجاع واعادة مواطنيها اليهود الذين رحلوا الى فلسطين من البلاد العربية والاسلامية وتقدر نسبتهم اكثر من نصف سكان فلسطين المحتلة عام 1948وفقاً لاحصاءات رسمية, وتقديم عروض مناسبة لهم بالعودة الى بلادهم الاصلية وبيوتهم معززين مكرمين مواطنين كاملي المواطنة لهم ما لهم وعليهم ما عليهم شأنهم شأن غيرهم, وتهيئة الظروف الملائمة لاستقبالهم واستيعابهم وتوطينهم, واحلالهم بسكان من قطاع غزة حيث ان حوالي 70% من سكانه من اللاجئين الذين هجروا من اراضيهم وبيوتهم داخل فلسطين المحتلة عام 1948, وبذلك يتم تطبيق حق مبدأ التهجير الذي يدعو اليه ترامب وحل المشكلة الديموغرافية التي تؤرق ترامب ومعه الكيان الصهوني ولكن بالشكل الحقيقي والمنطقي وفي الاتجاه الصحيح.

ومن الجدير بالاشارة اليه في هذا السياق انه وفقاً لما قاله أستاذ الجغرافيا بجامعة حيفا، أرنون سوفير، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، هناك 7.45 ملايين نسمة منهم حوالي 450 الف غير يهودي (يقيمون بصفة دائمة بموجب اقامات رسمية بغرض العمل وغيره)، إلى جانب 7.53 ملايين مواطن عربي وفلسطيني يعيشون فلسطين التاريخية.

هذا وتجدر الاشارة الى حوالي مليون يهودي ومن بينهم حوالي نصف حملة الاقامات هربوا من فلسطين منذ اندلاع الحرب الاخيرة على قطاع غزة منذ اكتوبر عام 2023 , اي عدد اليهود حالياً في فلسطين لا يتجاوز 6 مليون نسمة منهم 54% من اصول شرقية عربية ومن بين هؤلاء حوالي 65% من المغرب فقط والباقين من اليمن والعراق ومصر وغيرها.

ثالثاً: الدول العربية الغنية تقدم اغراءات مالية مغرية على صورة منح مباشرة او فرص استثمارية او عقود عمل طويلة الامد للكفاءات اليهودية مقابل تعهد قانوني شخصي ملزم غير قابل للالغاء تحت طائلة المساءلة القضائية والحقوقية الابدية بمغادرتهم وعائلاتهم فلسطين بلا عودة والرجوع الى بلدانهماو مكان اعمالهم او اي مكان اخر.  

د. سمير الددا

[email protected]

 

 

أحد, 09/02/2025 - 23:43