![](https://aqlame.com/sites/default/files/styles/large/public/E6ED5E8E-4470-487B-97F7-89B451FD954D.jpeg?itok=XFDnAPjd)
أقلام - تُعَدّ موريتانيا واحدة من البلدان التي تمتلك إمكانيات هائلة في قطاع الصيد بفضل سواحلها الطويلة والمياه الغنية بالأسماك. ومع ذلك، تكشف الصعوبات التي يواجهها هذا القطاع عن تحديات كبيرة تهدد قدرته على تحقيق الاستدامة والازدهار.
الاتفاقية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي تعتبر مثار جدل واسع، حيث تتيح لقوارب الصيد الأوروبية الوصول إلى مياه موريتانيا مقابل رسوم سنوية تتجاوز 60 مليون يورو. لكن هذه الصفقة، بحسب رأي بعض الفاعلين في القطاع، تثير تساؤلات حول عدالتها وأثرها على الاقتصاد المحلي. فعلى الرغم من المبالغ المعتبرة التي تُدفع، إلا أن الجدوى الاقتصادية لهذا الاتفاق تُعتبر موضع شك.
يُبرز المسؤولون، مثل رئيس الاتحاد الحر لصيد الأسماك التقليدي، الأثر السلبي الذي تتركه قوارب الاتحاد الأوروبي، مشيرين إلى أن هذه القوارب ذات القدرات الكبيرة تؤدي إلى استنزاف الموارد السمكية دون أن تُسهم في تفعيل الاقتصاد المحلي.
يؤكد هارونا إسماعيل على ضرورة إعادة النظر في شكل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، مشدداً على أهمية خلق "قيمة مضافة" من خلال تطوير بنية تحتية للموانئ وتعزيز قدرات الصيادين المحليين. ولكنه ينتقد بشدة تجاهل الأوروبيين لمطالب موريتانيا في هذا الصدد.
إن المستقبل القطاعي للصيد في موريتانيا يعتمد على مدى قدرة الحكومة على التفاوض بفعالية لإعادة هيكلة الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وجدولة مهمة هذه الشراكات لضمان استفادة الاقتصاد المحلي والمجتمعات الساحلية.
الصيادون المحليون تحت الضغط
في سياق مناقشة حول الصيد في المياه الموريتانية، يوضح هارونا أن "فكرة هذه الاتفاقية هي أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يساعد موريتانيا على صيد مواردها بنفسها." ومع ذلك، يُشير إلى أنه بعد مرور ثلاثين عامًا على هذه الاتفاقية، "الوضع يتدهور". حيث لم يعد الصيادون التقليديون يجدون الأسماك التي أصبحت نادرة بشكل متزايد. ونتيجة لذلك، يضطرون للبقاء في البحر لفترات أطول، تصل أحيانًا إلى 15 و20 يومًا، وذلك لتوفير الوقود وزيادة أرباحهم.
ويوضح موسى حسين تيم، نائب رئيس المكتب الإقليمي للاتحاد الوطني للصيد التقليدي (FNPA) في نواذيبو، "هناك انخفاض كبير في الأنواع". وفقًا له، فقد شهدت بعض الأنواع "انخفاضًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن الأسماك القاعية التي يتم صيدها من قبل السفن الكبيرة والشاحنات والصيادين الحرفيين، في تراجع واضح."
تواجه هذه الأنشطة تحديات كبيرة، حيث يذكر هارونا إسماعيل أنه "غالبًا ما تصطدم السفن الأوروبية أو تتعرض لحوادث مع القوارب الحرفية. وإلا، فهناك سفن تغرق وتدمر معدات الصيادين الحرفيين." وعلى الرغم من أن السلطات قد خصصت مناطق معينة للصيد التقليدي الحرفي والتي يُفترض أن لا تدخلها السفن الكبيرة، إلا أنه تم الإبلاغ عدة مرات عن وجود هذه السفن في تلك المناطق المخصصة.
كذلك، تم الإبلاغ عن حوادث بين سفن الاتحاد الأوروبي ومراكب الصيد الحرفي، والتي كانت في بعض الأحيان قاتلة، كما يشير المسؤول. وبناءً عليه، تنشأ صراعات بين البحارة الأوروبيين والصيادين المحليين. هذا الواقع يدفع هارونا إسماعيل إلى القول: "لا أعتقد أن صعوبات الصيادين الموريتانيين هي أولوية بالنسبة للأوروبيين."
تعكس هذه التحديات التأثير السلبي للضغوط الاقتصادية والتنافس على الموارد البحرية، مما يهدد سبل عيش الصيادين المحليين ويجعلهم بحاجة ملحة إلى دعم حقيقي لحماية مواردهم واستدامتها.
الشفافية في صيد الأسماك
يشير الوضع الحالي للشفافية في مجال الصيد البحري في موريتانيا إلى وجود تحديات متعددة. رغم أن اتفاق الاتحاد الأوروبي مع موريتانيا يحدد كميات الصيد، إلا أن هذه الكميات تظل غير قابلة للتحقق، كما أشار رئيس الاتحاد الوطني للصيد التقليدي. يعود ذلك إلى عدم القدرة على مراقبة السفن الأوروبية، التي ترفض النزول بحراً إلى المياه الموريتانية. وعندما يتواصل الموظفون الموريتانيون مع القباطنة الأوروبيين، يتم الحصول على المعلومات بصورة غير موثوقة، مما يثير علامات الاستفهام حول طبيعة الاتفاق نفسه.
إن تصريحات رئيس الاتحاد الوطني للصيد التقليدي تدق ناقوس الخطر، حيث يعبر عن شعور القائمين على الصيد في موريتانيا بأن هذا الاتفاق ليس كما يُروج له. فهم يرون أن ادعاءات الصيد المسؤول والمستدام لا تتماشى مع الواقع الذي يعيشونه.
الحلول المقترحة
في سياق تعزيز الشفافية وتحسين ظروف الصيد في موريتانيا، يبرز عدد من الحلول. يرى هارونا بأن تطوير قدرات موريتانيا في الصيد، وتمكينها من امتلاك سفن كبيرة، من الأمور التي يجب أن تكون في السياق الصحيح. ويعتبر أن الاتحاد الأوروبي ليس في مصلحته أن تتطور هذه القدرات، ما يؤدي إلى الحاجة لتعديل الاتفاقيات الحالية.
من بين الحلول الهامة التي يقترحها هارونا، هو تشجيع الحكومة الموريتانية على دعم الصيد التقليدي والسماح للصيادين بالوصول إلى الأسواق المحلية والدولية لبيع منتجاتهم. ومن الضروري أيضًا تقديم الدعم للصيادين في تحسين أدوات عملهم، بما في ذلك تحديث أسطولهم من سفن الصيد.
علاوةً على ذلك، يوصي هارونا بضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لإبعاد السفن الكبيرة وتقليل عددها، لضمان حماية الموارد البحرية.