الهجوم على انيور: اختبار جديد لأمن موريتانيا واستقرارها الإقليمي

شهدت مدينة انيور المالية، الواقعة بالقرب من الحدود مع موريتانيا، هجوما مسلحا في 6 يناير 2025 شنته جماعة ماسينا التابعة لتحالف "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبط بتنظيم القاعدة. استهدف الهجوم مواقع حيوية في المدينة، بما في ذلك مقر الحاكم ومركز الدرك الوطني، ما يعكس تصعيدا خطيرا للصراع في منطقة جنوب مالي التي كانت تعتبر آمنة نسبيا. كما يعكس هذا الهجوم، الذي استخدمت فيه أسلحة ثقيلة وخفيفة، وانتهى بانسحاب المهاجمين على متن دراجات نارية، تطورا نوعيا في تكتيكات الجماعات المسلحة، مما يشكل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي.
تتمتع مدينة انيور بأهمية خاصة بالنسبة لموريتانيا نظرا لأهمية الجالية الموريتانية فيها ولارتباطها الوثيق بالتجارة الإقليمية وكونها ممرا حيويا يربط البلاد بجنوب مالي والدول الأخرى في المنطقة. ويؤكد الهجوم على الشاحنات المغربية أثناء الهجوم على المدينة تصاعد المخاطر الأمنية على الأنشطة التجارية، وينذر بتعطيل الحركة التجارية التي تعتمد عليها موريتانيا بشكل كبير. علاوة على ذلك، يعد استهداف قافلة الشاحنات رسالة واضحة على قدرة الجماعات المسلحة على ضرب المصالح الاقتصادية وخلق أزمات عابرة للحدود.

 

إلى جانب الأبعاد الاقتصادية، يشكل الوضع الاجتماعي تحديا لموريتانيا، حيث تضم منطقة انيور تجارا موريتانيين وعددا من المنمين الذين يرتبط نشاطهم بشكل وثيق بهذه المنطقة، قد يدفعهم تصاعد التوترات الأمنية إلى مغادرة المنطقة، ما يزيد من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية داخل موريتانيا. 
وتضاعف الجوانب الدينية من تعقيد الوضع، حيث تعتبر انيور مركزا للطريقة التيجانية العمرية، التي لها امتداد قوي في موريتانيا. ومن شأن وفاة زعيم هذه الطريقة، تيرنو أمادو هادي تال، في ظروف غامضة بعد اختطافه من قبل جماعة ماسينا المسلحة، أن تسهم في تأجيج التوترات داخل المجتمعات المرتبطة بهذه الطريقة، في كل من مالي والسنغال وموريتانيا، مما يتطلب جهودا دبلوماسية واجتماعية لاحتواء الوضع.
هذا التصعيد الجديد، يضع الأمن القومي لموريتانيا أمام تحديات متزايدة، ذلك أن قرب الحدود من منطقة انيور يجعل من المحتمل أن تصبح الأراضي الموريتانية هدفا لتحركات الجماعات المسلحة أو معبرا لنشاطات التهريب أو معرضة للانتهاك من حين لآخر خلال المطاردات أو المتابعات الأمنية. 

 

التوصيات:

• رفع مستوى المراقبة الحدودية والعمل مع مالي ودول الساحل الأخرى لتعزيز التعاون الأمني، بما يشمل تبادل المعلومات حول تحركات الجماعات المسلحة وتحديد مناطق الخطر؛
• التنسيق مع السلطات المالية لضمان حماية الجالية الموريتانية والمنمين وحيواناتهم في المناطق المتضررة؛
• دراسة إنشاء ممرات تجارية بديلة أو تحسين البنية التحتية للنقل الداخلي في موريتانيا لتقليل الاعتماد على الطرق التي تمر عبر المناطق المتوترة؛
• إطلاق برامج تنموية لتعزيز الاستقرار في المجتمعات الحدودية التي تربطها علاقات ثقافية واجتماعية مع منطقة انيور، بهدف تقليل تأثير التوترات العرقية والدينية؛
• العمل مع المنظمات الإقليمية والدولية لتقديم الدعم الفني واللوجستي في مواجهة التهديدات الأمنية؛
• المساهمة في جهود الوساطة بين الأطراف المختلفة في مالي، لتخفيف التوتر الناجم عن تصفية تيرنو  أمادو هادي تال ؛
• إطلاق حملات لتوعية المجتمعات الحدودية بمخاطر تسلل الجماعات المسلحة وكيفية الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة؛
• إدارة الإعلام: التركيز على استخدام الإعلام المحلي والإقليمي لتوضيح الموقف الموريتاني من الأحداث وطمأنة الجالية الموريتانية في مالي.
ختاما، يمثل الهجوم على انيور تصعيدا خطيرا للصراع في مالي، حيث يحمل أبعادا أمنية واقتصادية واجتماعية تمتد تأثيراتها إلى موريتانيا. هذه التطورات تفرض على موريتانيا ضرورة اتخاذ خطوات استراتيجية لحماية مصالحها الوطنية، بما يشمل تأمين حدودها واحتواء تداعيات الصراع على مجتمعاتها وضمان استمرار تدفق التجارة عبر المنطقة في ظل هذا المناخ الإقليمي المتوتر.

 

مركز أودعست للدراسات الاقليمية

خميس, 09/01/2025 - 20:02