اليوم العالمي للإسكان .. ماذا أعددنا لمدننا و قُرانا؟

يحتفل  العالم 7 من اكتوبر باليوم العالمي للإسكان في أول يوم إثنين من شهر تشرين الأول (أكتوبر) ، وهو أحد المناسبات الرسمية التي أعتمدتها

الأمم المتحدة واحتفلت به للمرة الأولى عام 1986. يهدف هذا اليوم لبيان حالة مدننا وقُرانا وإمكانية حصول الإنسان على ملجأ وهو أحد حقوق الإنسان الأساسية. كما يهدف إلى تذكير العالم بالمسؤولية المشتركة لتوفير مساكن للأجيال القادمة.

تتميز الحالة العامة للإسكان بالفوضوية الشديدة ،والعشوائية النادرة و كذا بالبداوة المترسخة ،فتجد أمام منزل فاخر مثلا أسطوانات تجميع القمامة ، أما احتلال الساحات العمومية وتقطيعها فقد حطمنا فيها أرقاما قياسيا.

لعل أهم ما يُزعج مدننا وقرانا هو ضعف مستوي التخطيط العمراني ،وكذا انتشار أسواق على ساحات ضيقة ،بعيدا عن أي مقومات للصحة وسلامة المقيمين،نتحدث هنا عن سوق السبخة والميناء و في وسط العاصمة سوق نقطة ساخنة فإذا حدث حريق ،ناتج مثلا عن تماس كهربائي فلا يمكن للإطفاء الوصول إليه،يُضاف الي كل ذالك غياب محطات توقيف حديثة في عاصمتنا قرب المناطق الحيوية ،ما ينتج عنه من أزمة مرور خانقة حول المناطق الحيوية من مدننا وقرانا.

في هذه المناسبة العالمية رأينا أن نستوقف لنذكر بحقوق المواطنين في ايجاد مساكن لائقة ،مع متطلبات الحياة في حدها الأدني ،هذه المناسبة تتزامن مع وضعية غير مريحة في نواكشوط تتمثل في شح المياه الصالحة للشرب ،الذي طال أمده هذه المرة و أصبحت تُأرق المواطن نتيجة ارتفاع أسعار المياه الصالحة للشرب حيث يصل ثمن صهريج من 4 أطنان فقط أكثر من 24 ألف أوقية حوالي 60 دولارا لكمية. قليلة من الماء قد لا تكفي لمدة أسبوع.

ليس هذا فحسب ،بل إن انتشار القمامة فى أماكن حيوية من عاصمتنا ،مع انتشار الباعوض و التلوث،وما يُضيفه من أتعاب ،فضلا عن نقص حاد في المنتزهات والإستراحات المجانية فى مدننا ،ففي العاصمة لا يوجد متنفس ،سوي ساحات قليلة و تجع بالزوار في فترة الأعياد و فصل الصيف .

ضف إلى ذالك غياب شبكات تصريف المياه الذي أصبح مظهرا لا غني عنه في المدن العالمية.

إن الحلول العملية لأزمة المياه الصالحة للشرب أصبحت مُلحة أكثر من أي وقت مضى ،فعاصمتنا تعتمد في مياهها على مصدرين أو شبكتين إحداها جوفية وهي إديني والأخري سطحية و هي آفطوط الساحلي ،حان وقت تنويع هذه المصادر الهيدرولوجية للبلد ،والإستفادة من التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال ،لعل أهم ذالك بناء سدود و خزانات مياه ومضاعفة استفادتنا من نهر السنغال ،و البدء بالتعاون مع شركائنا في التنمية في تحلية مياه المحيط الأطلسي ،وإنشاء شبكات لمعالجة مياه الصرف الصحي و تدويرها لإستخدامات مهمة كالزراعة في المدن والري مما يخفف الضغط عن المياة الصالحة للشرب .

ضرورة التقليل من الإعتماد على المياة الجوفية مقابل التركيز على المياه السطحية فمثلا في الممكلة المغربية المجاورة تعتمد في مياه شربها على 70٪؜ من مياه سطحية كالسدود و الأحواض المائية التي تربط بينها بالإضافة إلى تحليتها لماء البحر ،و كذا الإستمطار الصناعي الذي يزيد من مخزون المياه السطحية كل موسم .

إن أزمة المياه صعبة فالماء هو العمود الفقري لأي تنمية و هو الأساس لأي تعمير وتنمية و بغير توفيره لا يمكن أن نصل إلى نمو اقتصادي حقيقي أبدا.

تتميز حالة العاصمة هذه المرة وخاصة هذا العام بطول فترة انقطاعات المياه هذه .

أمر آخر يعكر صفو الإسكان وهو الإنقطاعات التى تشهدها شبكة الكهرباء عن بعض أحيائنا أيضا فالكهرباء هو الآخر أصبح من ضرورات العصر خاصة في فترة ترتفع فيها درجات الحرارة فى كوكبنا وفي عاصمتنا ايضا.

في المجمل فإن الإسكان فى البلد مازال يعاني من مشاكل تثقل كاهله وتحول دون تحقيق أبسط الخدمات الأساسية في المدن ،فعلي السلطات بالبلد أن تُكثف جهودها في معالجة هذه المشكلة و غيرها فنحن هنا لم نتطرق إلا للمشاكل العاجلة التى تحتاج حلولا فورية ،لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في البلد.

 

محمد عينين احمد

رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة [email protected]

 

سبت, 05/10/2024 - 10:57