ينظر المحاضر الجامعي حسين الغول إلى عشرات الكتب من مكتبته التي لم يفلح في إنقاذها من بيته المهدم مثله مثل العشرات من سكان قرية عرعرة في صحراء النقب التي تلقّى سكان بعض أحيائها أوامر هدم بحجة عدم قانونية البناء ولا يملكون -إمعانا في الإهانة- إلا هدمها بأيديهم لعجزهم عن دفع تكاليف الهدم الهائلة، كما كتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
تحت غطاء من العدوان على قطاع غزة، تسرع إسرائيل وتيرة تدمير القرى العربية في النقب. ففي 8 مايو/أيار الماضي، هدمت قرية وادي خليل زاعمة أنها "غير قانونية"، وذلك لتوسعة أحد الطرق، تاركة 350 من سكانها دون مأوى ولو مؤقت.
وبعد أسبوع، هدمت قرية أم متنان التي بات 200 شخص من أهلها في العراء، ثم في الأسبوع الماضي جاء دور حي في قرية عرعرة تسكنه عشيرة الغول التي هدَّت بنفسها بيوتها الأربعين بعدما أخفقت في إقناع المحكمة العليا باستصدار أمر مؤقت لوقف الهدم.
عمليات الهدم تركت 120 من سكان الحي بلا مأوى، ولم يتبق الآن سوى أكياس نوم فرشت في ظل السيارات المركونة شاهدةً على الليالي التي قضاها السكان في العراء بعد أن سويت بيوتهم بالأرض.
أقدم من إسرائيل
عاشت عشيرة الغول في بيوتها تلك حتى قبل قيام إسرائيل، لكن الطلبات التي قدمها أبناؤها لترسيم حقهم في ملكية المكان لم يستجب لها حتى اليوم.
يقول أحد السكان لصحيفة هآرتس الإسرائيلية "الأنكى أن تهدم بيتك بيديك.. سنحتاج وقتا طويلا لتجاوز تلك المشاهد القاسية".
قبل 5 سنوات بدأت سلطات الاحتلال تعليق أوامر هدم على جدران بيوت الحي، وبعد عام طلبت إدارة شؤون البدو من السكان الانتقال إلى أحد الأحياء المحيطة بهم و"المخططة" بدرجات متفاوتة.
وطلبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من سكان الحي الرحيل إلى "الحي رقم 8″، لكنها لم توفر لهم سكنا مؤقتا، علاوة على أن عشيرة أخرى تعيش هناك، ومن تلقوا أوامر الترحيل يخشون ألا يكونوا محل ترحاب.
الحي رقم 8 منح جزئيا تراخيص بناء في تسعينيات القرن الماضي، لكن لم يُسكَن قط بشكل منظم، وقاطنوه من عشيرة أخرى يعيشون في مساكن مؤقتة، وكانوا أيضا قد قدّموا التماسات لسلطات الاحتلال لترسيم حقهم في المكان، لم يبت فيها هي الأخرى.
يقول حسين الغول "أعادونا إلى العصر الحجري.. بتنا بلا مراحيض، ولا مكان لتغيير ملابسنا، سنبدأ كل شيء من الصفر". ويتابع "لقد دمروا حياتنا وخسرنا كثيرا من المال، وأنْ تهدم بيتك بيدك صدمة أخرى".
800 شخص بلا مأوى
حاولت عشيرة الغول، بمساعدة منظمة اسمها "بماكوم"، عرض تسوية دعمتها البلدية وتقضي بدمج بيوتها مع حي ثالث بدل هدمها، لكن الاحتلال لم يستجب لذلك الالتماس، مما اضطر العشيرة للجوء إلى المحكمة العليا التي لم تنصفها هي الأخرى.