بعد سنة بالتمام والكمال على اعتماد الوثيقة الرسمية لإصلاح وتطوير العدالة في موريتانيا بتاريخ/07/14/2024 خلال دورة المجلس الأعلى للقضاء، علي نار هادئة نسبيا، تقوم السينغال بعد الانتخابات الرئاسية التي شهدتها، مباشرة، قبل شهرين بتنظيم منتديات عامة لإصلاح العدالة السنغالية والتي كانت جزء من الالتزامات الرئاسية للرئيس المنتخب الجديد في هذا البلد الشقيق والجار والذي تربطه بموريتانيا مصالح مشتركة وفي مقدمتها مشروع (الغاز) من خلال استغلال حقل أحميم و الذي يعتبر الأول في المنطقة.
وبالرجوع إلي موضوع منتديات إصلاح القضاء ..فلئن كانت الحاجة إلى وجود قضاء عادل وقوي ينصف الجميع بدون استغلال من قبل باقي السلط الدستورية تظل واحدة في كلا البلدين .. إلاٌ أن الواقع الاجتماعي و المدني الذي استخلصت منهما التجربة التي أعتمد عليها الاصلاح في كلتا المنتديات الإصلاحية للقضاء في موريتانيا والسينغال تظل مختلفة تماما.. و لذا كان من الطبيعي أن يقع الاختلاف بين الوثيقتين وبشكل جوهري فيما يتعلق بالتأكيد على استقلالية السلطة القضائية عن المؤسسة الرئاسية كما ظهر جليا في وثيقة المنتديات العامة لإصلاح العدالة في السينغال والتي رأت النور قبل اسبوعين.
1/ موريتانيا وتجربة منتديات إصلاح العدالة
يمكن أن نؤكد مع المهتمين بالواقع و التحديات الجمة التي تتعلق العدالة و إصلاحها في موريتانيا ..في بلد لا يزال مستوي الفقر و الهشاشة السكانية و الفوارق الاجتماعية مرتفعة جدا، رغم الموارد الطبيعية الضخمة في البلد و إلى الدعم الخارجي لخططه التنموية المختلفة والمتنوعة ..أن قطاع العدالة استطاع أن يحصل قبل أكثر من سنة و نصف مِنْ انعقاد المنتديات العامة إصلاح العدالة و تطويرها، خلال الأيام ما بين 5 إلي 11 يناير سنة 2023، على "اعتراف" و "التزام " من قبل السلطات العليا للبلاد بالواقع المزري لقطاع العدالة الموريتانية وعلى الالتزام الصريح بإصلاحها و تطويرها وفق ما تتطلب الحاجة و المرحلة .. وهو واقع ساهمت في خلقه عدة عوامل خاصة بالبيئة الاجتماعية و الثقافية التي تعيشها البلاد عموما (بيئة طغت عليها سمة الحضور السلبي للقبيلة والاثنية بشكل رئيسي في التأثير علي القضاء و التحكم في مختلف مفاصله و تحديد مسارات القضاة أحيانا في التحويلات و الترقيات... )
و إذا كان هذا الواقع قد استفاد منه معظم القضاة لولوج المناصب خلال فترات مختلفة و في الحصول على بعض الامتيازات المعينة في دوائر مختلفة من دوائر الدولة، سواء في الداخل أو في خارج البلاد ..فإنه كان وسيلة استخدمتها في اوقات مناسبة باقي السلطات الدستورية للتوجيه والتحكم بشكل أكثر حدةٍ في مؤسسة القضاء بقبول ومباركة، دون أدني مقاومة داخلية، من القضاة أنفسهم .. حتى أضحي التدجين منتشراً في صفوف السلطة القضائية إلى عهد غير بعيد! ..
ومما ساهم في هذه الوضعية المؤسفة أن القضاة أنفسهم كانوا يتصارعون فيما بينهم وكان بعضهم يستشعر الخطر من الجميع بما فيهم: الزملاء الذين يتوفرون على المؤهلات العلمية و الأكاديمية وعلي الحد المطلوب من الاستقامة والحياد و النزاهة! ..
لقد ظلت هذه الفئة القليلة في السلك القضائي، بفعل لوبيات الفساد داخل حقل القضاء الوطني تعيش واقع التهميش والشيطنة مما جعلها مصدر استهداف من قبل الجميع الذين لا يرغبون في تغيير وإصلاح القضاء ..و إنما إبقاء الحال علي ما عليه.. بما فيهم معظم الوزراء المتتالين علي وزارة العدل ! و يدعمهم في هذا التوجه الخطير غياب الارادة وضعفها لدى القضاة بِنِسبٍ مرتفعة ( و الحقيقة أن التغيير أمام هذه الوضعية لا يكون بمقتضي النصوص وحدها و إنٌما بقوة و بمقتضي إرادة و بمستوي نزاهة القضاة و ترفعهم عن مختلف الشبهات المحتملة وفق القانون و قانون النظام الأساسي للقضاة ومدونة الاخلاقيات مهنة القضاة.... )
و قد ظهر منذ عهد غير بعيد بُروز مؤشر إيجابي جديد نتيجة إيمان بعض القضاة القلائل بأهمية دورهم في حماية الحريات و المؤسسات الدستورية و طبيعة النظام الديمقراطي "الرئاسي للجمهورية" و على ضرورة "تحقيق استقلالية القضاء" وتحسين الواقع و الظروف العامة "للمؤسسة العامة للقضاء الموريتاني" على اعتبار أنها تقود إلي تعزيز منهيته و إلى حسن اضطلاعه برسالته و كما تكفل تحقيق تنمية و أمن البلاد على مختلف أصعدة و علي رفاهية جميع المواطنين علي حد سواء .. و قد تنامي هذا الشعور القوي ، يوما بعد يوم، بعد اكتتاب فئات شابة في حقل القضاء الوطني منذ مدة من الوقت ..معززة بمستويات علمية محترمة و بإحساس قوي بالمسؤولية و الوطنية ( إن كان بعضها لا يزال يحتاج التأطير المناسب في حدود ما تقتضي صعوبة المهنة و طبيعة الرسالة ...) ..فضلا أن السلطات المركزية أصبحت تعي بشكل لافتٍ أهمية القضاء القوي و المهني و قيمته النفعية في أمن وتنمية الوطن ذو المساحات الشاسعة ( في رقعة تبلغ 700 030 1 كيلومتر مربع، بينما يبلغ عدد سكانه الحالي 4,992,739 بمعدل نمو سنوي قدره 2.665٪ منذ عدة سنوات)، خلال مختلف لقاءات الأجهزة الرسمية الوطنية المختصة مع الشركاء المناحين للبلاد و كذلك الحال مع مختلف الدوائر المهتمة بالاستثمارات المتنوعة في موريتانيا ( لتوفرها على موارد ضخمة و متنوعة مثل : البترول والغاز و الهيدروجين الاخضر، الحديد، الأورانيوم، الذهب، السمك و ثروة حيوانية ضخمة...)
وانطلاقا مما تقدم كان من الطبيعي وفق المعطيات والمؤشرات السالفة الذكر أن يبرز اعتراف والتزام السلطات الرسمية بواقع القضاء الموريتاني وضرورة العمل الجاد في إصلاحه وفق حطة طموحة تأخذ بالاعتبار جميع المتطلبات المناسبة بعيدا عن الارتجال والتسرع. و هكذا تولدت فكرة تنظيم منتديات عامة حول إصلاح و تطوير العدالة في موريتانيا، خلال الايام ما بين 5 إلي11 يناير 2023، حضرها مختصون في الشأن القضائي الوطني و مدعوون ممثلون عن بعض النظم القضائية لبعض الدول الصديقة و ممثلين فاعلين عن هيئات المجتمع المدني المحلي و قد تضمن التقرير النهائي للمنتديات العامة لإصلاح العدالة و تطويرها مجموعة من التوصيات الهامة .. والتي بلغ عددها 50 توصية، بينما بلغ عدد توصيات الورشات 385 توصية، كما بلغ عدد المقترحات 111 مقترحا وعدد الآراء 36 رأيا منفردا، أي ما مجموعه 582 توصية ومقترحا ورأيا تصب جميعها في إطار تطوير وإصلاح القضاء ومؤسساته وموارده البشرية.
ويمكن إجمال اهم المحاور الرئيسية التي تمخضت عن التقرير النهائي للمنتديات العامة لإصلاح العدالة وفق الوثيقة الرسمية للمنتديات المعتمدة من قبل المجلس الأعلى للقضاء، خلال دورته بتاريخ 13 يوليو 2023 في:
التأكيد على استقلالية القضاء عن باقي السلط الدستورية عبر تكريس استقلالية النيابة العامة عن سلطة وزير العدل بالإضافة إلى استقلالية المفتشية العامة للقضاء و جعلها مؤسسة مستقلة عن وزارة العدل .. بالإضافة إلى تحسين ظروف القضاة و مراجعة نظام معاشهم و أعوانهم وفق الظروف و المتغيرات العامة بالإضافة إلي الوضعية القانونية لمهني القضاء ..كما تضمنت تسهيل النفاذ إلى القضاء، و الالتزام بتحسين جودة وفعالية القضاء، و إصلاح القضاء الجنائي ليتماشى مع الحاجة العامة للمجتمع و تطوير نظام السجون و المؤسسات العقابية و تحسين ظروف السجناء داخل المؤسسات العقابية وخلال انقضاء المحكومية وفق ما تكفله كرامة الإنسان و الاتفاقيات الملزمة، بالإضافة إلي العمل علي رقمنة القضاء و تسريع جميع مراحل التقاضي.. بالإضافة إلى إعادة تأهيل المباني القائمة لقطاع العدالة و بناء قصور عدل جديدة وفق ما تقتضيه الحاجة ..وسيتم تنفيذ الوثيقة الرسمية لإصلاح العدالة حسب الخطة المعلن عنها بشكل رسمي عبر مراحل زمنية لا تزيد علي أربع سنوات ابتداء من تاريخ اعتماد الوثيقة الرسمية، بدأ العدٌ التنازلي للتاريخ بتنصيب اللجنة العليا لإصلاح وتطوير العدالة برئاسة رئيس الجمهورية (القاضي الأول) وممثلين عن قطاعات معنية مباشرة بعملية إصلاح و تطوير العدالة الموريتانية .. حيث اجتمعت هذه اللجنة العليا أول مرة يوم 8/11/2024 ..
وقد صرح رئيس الجمهورية خلال الاجتماع المذكور بأنه" وجه بتشكيل هذه اللجنة للإشراف على تنفيذ الإصلاح العميق الذي اعتمدته الحكومة وتجسده الوثيقة الوطنية لإصلاح وتطوير العدالة، وأنه يعتبر إصلاح العدالة قضية محورية وحجر أساس لأي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي، مضيفا أن عمل اللجنة ليس مبادرة حكومية وإنما مسعى جماعي يدعو الجميع من مواطنين ومهنيين وقانونيين ومجتمع مدني وهيئات حكومية إلى الانخراط فيه باعتباره مشروعا إصلاحيا للعدالة كل من موقعه والمساهمة بفعالية في تجسيده على أرض الواقع".
ويبقي تنفيذ الالتزامات المتعلقة بوثيقة إصلاح وتطوير العدالة بعد مضي أكثر من سنة وبعد إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لولاية رئاسية جديدة، مدتها خمس سنوات، فرصة مناسبة للشروع فوراً في استئناف عملية إصلاح القضاء علي النحو المطلوب و المرسوم سلفا.
2/ السينغال ومنتديات إصلاح القضاء
تقتضي "الامانة ْ أن نعترف أن لهذا البلد الجار والشقيق والذي تربطه بموريتانيا مصالح حيوية متنوعة مشتركة، أن له تقاليد و أعراف عريقة و مهمة في المنطقة برمتها في مجال النظام الحكم الديمقراطي ودور مؤسسة القضاء و كذا مختلف المؤسسات الدستورية ..تعود بدون شك تلك التقاليد بارتباط النموذج السينغالي بنظم و قواعد و تقاليد الجمهورية الخامسة الفرنسية وإلي العلاقات التاريخية بين البلدين..وقد منح هذا الوضع قوة نسبية للمؤسسات الدستورية في السينغال كما هو الحال في استقلالية المجلس الدستوري و دوره في الدفاع عن المكتسبات المسؤول عن حمايتها .. و هو احترام ظلت تحرص عليه المؤسسة العسكرية منذ استقلال البلاد في مطلع الستينات من القرن الماضي ..و قد جنب بمقتضاه هذه الجمهورية المتواجدة في غرب إفريقيا ما شهدته جميع الدول المجاورة من انقلابات وعدم استقرار وانتشار للإرهاب و الفكر والجماعات المتطرفة داخل هذه الدول.
غير أن الأمور لم تكن جميعها سعيدة في هذا البلد الافريقي الفقير، الذي يبلغ عدد تعداده السكاني 18,223,828 نسمة .. والذي ظل إلى فترة قريبة جدا يعتمد بشكل كبير على الإعانات و الدعم و التمويلات و القروض لسداد حاجيات سكانه قبل أن يصبح بلدا مصدرا للغاز و البترول، و يعول عليهما، بالإضافة إلى موارده المحدودة (الزراعة، تحويلات المهاجرين و الصناعات المحلية المحدودة) في تحقيق تنميته الاقتصادي والاجتماعية ... هذه المعطيات الجديدة في السينغال بالإضافة للتجربة التي عاشها قياديو البلد الحاليين مع الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية عززت الشعور بالحاجة لإصلاح هيكلي للسطلة القضائية في هذا البلد ..
و ينضاف إلى ما تقدم أن القضاء بشقيه الواقف و الجالس ظل إلى فترة قريبة جدا حسب التقارير، الداخلية و الخارجية، متأثرا بالحضور القوي لمشايخ الطرق الصوفية و الموريدية في المشهد السياسي والاجتماعي للبلد، مما ألقى بظلاله على تبعية معظم القضاة وولائهم القوي لهذه الجماعات القوية في مشهد البلاد .. بالإضافة إلى تبعية النيابة العامة السنغالية لسلطة وزارة والمستمدة من النظام القضائي الفرنسي.
وبعد صدورقبل اسبوعين وثيقة إصلاح العدالة فى السينغال خلال الايام التي شهدتها المنتديات إصلاح العدالة في السينغال (28 مايو إلي 04 يونيو2024)..
يلاحظ أن خلفية المرتكزات التي قامت عليها وثيقة إصلاح القضاء السينغالي الاخيرة جاءت لتعكس مستوي الفتور الذي ظهر في العلاقات بين إدارتي كلا البلدين السينغال و فرنسا ... وذلك مباشرة بعد انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية وللمجلس الأعلى للقضاء في السنغال .. بحيث أرادت الإدارة الجديدة في السينغال أن تحدث تغييرا جوهريا في طبيعة وسمة النظام القضائي بعيدا عن التأثيرات التقليدية المستمدة من النظم و الأعراف الفرنسية، و تجسد أهم معالم توجه النظام القضائي في السنغال عبر وثيقة الإصلاح من خلال التوصيات الصادرة عن الايام التشاورية حول العدالة من خلال:
استبعاد الزي الرسمي المأخوذ من المستعمر الفرنسي واستبداله بزي افريقي؛ اخراج رئيس الجمهورية من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء و كذلك من عضويته؛ اقامة محكمة دستورية بدل المجلس الدستوري على أن يكون رئيسه واعضاؤه منتخبين من بين القضاة وليسوا معينين من طرف رئيس الجمهورية؛ تعيين قاض للحريات ينظر في اعتقال أي شخص خلال 96 ساعة .. كما تضمنت الوثيقة السنغالية لإصلاح العدالة ضمانات متنوعة معنوية وغيرها لتعزيز حسن أداء القضاة واعوانهم...
وعموما فقد شارك في المنتديات السنغالية لإصلاح القضاء قضاة ومحامون ممثلون عن مختلف المهنيين في القطاع واساتذة جامعات وفاعلون في المجتمع المدني بالإضافة إلي ممثلين عن السجناء من مختلف المؤسسات العقابية.
3/ .. وماذا بعد المنتديات العامة لإصلاح القضاء في موريتانيا والسينغال؟
تظل تجربة البلدين موريتانيا والسينغال في سبيل إصلاح نظاميهما القضائيين المتقاربين نسبيا من حيث التوقيت الزمنى (سنة و نصف) والجغرافي، بالإضافة للمصالح العليا الحيوية التي يفرضها كل من الاستغلال و الاستثمار في عائدات الغاز الضخمة المشتركة بين البلدين لعدة عقود ..وهو ما ترتب عنه وجود عقود معينة محددة و متنوعة و متشعبة و طويلة الأجل .. مما يجعل تجربة العمل المشترك بين البلدين تجربة مهمة وملهمة في عموم المنطقة إلي حد بعيد.. و تستدعي الدعم و الإشادة و المتابعة عن قرب لتحقيق تنمية وازدهار الشراكة الاستراتيجية والتي تعد أهم ضماناتها بشكل جوهري : وجود نظام قضائي قوي و عدالة مهنية مستقلة تجسد الاستقرار القانوني و الازدهار الاقتصادي لتنمية الشعبين بعيداً عن مختلف التوترات المحتملة.
وبشكل لا فت يظل مشروع إصلاح العدالة السينغالية أكثر توغلا في تكريس الاستقلالية التامة من خلال وثيقته الرسمية، وذلك إزاء مؤسسة رئاسة الجمهورية ( القاضي الأول ) في هذا النظام القضائي، وكذا في وجود نيابة عامة تباشر مهامها بتعليمات و إشراف من وزير العدل كما هو الحال في النظام القضائي الفرنسي رغم ما تحقق في النظام القضائي في هذا البلد الأخير (...) و يتقاطع مع النظام الذي كرسته الوثيقة الرسمية لإصلاح العدالة و تطويرها في موريتانيا، من خلال ما أحدثت هذه الوثيقة من ضمانات قانونية أكيدة.. في سبيل الحد من تأثير السلطة التنفيذية على السلطة القضائية عبر مسطرة التعليمات وتوجيهات وزير العدل لأعضاء النيابة العامة.
و الخلاصة أن الأنظار تتجه الآن للتأكد علي مدي جدية القائمين علي تنفيذ مخرجات المتنديات العامة لاصلاح العدالة في كلا النظامين القضائيين الموريتاني و السينغالي ؛ فإذا كانت موريتانيا السباقة من حيث إجراء منتدياتها العامة فهل ستكون متقدمة أيضا في تنفيذ جميع بنود وثيقتها الرسمية في القريب العاجل !؟
القاضي/ الشيخ سيدى محمد شينّه