إن وجود شخص غير مواطن في بلد غير بلده الأصلي لأغراض العيش والتكسب، أو السياحة والإستجمام، أوالإستكشاف، أو غيرها من الأهداف المتعارف عليها بين الشعوب أمر لا غني عنه، ويكاد لا تخلو منه أية دولة في العالم. لكن حين يختلط طموح الأجنبي في العيش الكريم في بلد الإستضافة باهتمامات أخري ذات طابع سياسي تؤثر علي أمن هذا الأخير وسلامة عيش مواطنيه، فإن الأمر هنا ينقلب إلي وضع آخر. وهذا ما يُخشي أن يكون هو حال بعض الأجانب المقيمين في موريتانيا منما يستدعي الحذر والإنتباه، ومعالجة الأمر. غير أن لهذا البلد خصوصيته في علاقته مع بعض من يقطنه من الأجانب، فالتعامل مع ملفهم يحتاج إلي فطنة وذكاء، ويحتاج إلي حكمة تجعل الدولة تتعامل معه بما يحقق المصلحة ويدفع الضرر ويجنب المخاطر. فعلي الأمن، مثلا أن يميز بدقة بين مثيري الشغب الحقيقين من الأجانب من غيرهم، حتي لا يصاب قوم بجهالة، وحتي لا يتعقد الأمر أكثر. وعلي السلطة السياسة أن تنسق، وبشكل ودي، وأخوي كلما تقوم به من إجراءات في هذا الملف مع الدول الأصلية للمعنيين به، وخاصة دول الجوار الصديقة والشقيقة كالسينغال ومالي. وهنا يتحتم علي الشرطة أن تتثبت من هويات كل من توقفهم متلبسين بأفعال مُجرّمة، وأن توثق حالاتهم بشكل لا لبس فيه، ثم بعد ذلك تقوم الجهات السياسية والدبلوماسية بإطلاع نظراءها في دول هؤلاء علي تلك المعلومات، وتجعل ما تقوم به من إجراءات عقابية وردعية بحقهم يتم بموافقة سلطات بلادهم، حتي يصبح الأمر وكأنه عمل مشترك بين الدول المعنية حفاظا علي أمن وسلامة الجميع، وفي إطار الأخوة والمحبة بين كل الأطراف.
إذا تم التعاطي مع ملف الأجانب علي هذا النحو، فإن ذلك سيكون أضمن لأن لا يتشعب، ولأن لا يؤثر علي علاقاتنا مع جوارنا، وأوضاع جالياتنا. ولكننا نؤكد علي أنه علي موريتانيا، لكي نستطيع تسيير الأمور لصلاحها، ولصلاح المنطقة، أن ترفع مستوي التنمية في البلاد، وأن تعزز من مكانتها الإقتصادية والعسكرية حتي يكون لصوتها وزن، ولكلمتها اعتبار.
حفظ الله موريتانيا، ووفق قيادتها، وولاة الأمر فيها لما يُصلح به أحوال العباد والبلاد، ويحفظ به الأمن والإستقرار، ويقود به إلي النماء والإزدهار. آمين.