بُنيات الطريق

 تمر الدول في طريق بنائها وتطورها بكثير من المراحل ، فاحيانا تجد سلاسة في الطريق ، فتقطع مراحل من الرقي والازدهار  بسرعة كبيرة، وأحيانا أخرى تتوقف امام عقبات كأداء، فتظل ترواح مكانها ، هذا التوقف في وسط الطريق حيث يتجاوزك الجميع يسميه البعض تخلفا عن الركب.   في مرحلة الانتظار هذه على قارعة الطريق ينشغل المجتمع بأشياء هامشية، تختلط عليه فيها الوسائل والاهداف، وتتجدد السياسات في كل القطاعات بسرعة عن طريق رفع شعارات لكل برنامج، هذه الشعارات التي ترفع في كل مرة مع كل مرحلة جديدة، يتم التخلص منها بسرعة،و بدون أي تقييم و حتى بدون السؤال عن ما آلت اليه البرامج السابقة التي تعتبر مجرد شعارات، و يتم رفع الشعارات الحديدة من طرف نفس الأشخاص.

 

 وهذا كله من خصائص مرحلة ما قبل الحضارة، يقول المفكر مالك بن نبي :ان الحضارة تبدأ بمعرفة الأشياء ثم الاشخاص، ثم الأفكار. ومع أن الغالبية المستنيرة من مجتمعنا، تدرك حقيقة الوضع، ويُفضل أكثرها الصمت، لأن المجتمع يحث على ذلك ويعتبره من كمال "العقل"، لكنك تجد احيانا نفسك مرغما على التعليق على  بعض الامور، ليس لأنها نشازا أو ملفتة للانتباه، بل للأهمية العلمية لمن تصدر عنه، حيث تتساءل مثلا: ما الذي يدفع شخصية علمية كبيرة لأن تقول بأن احترام الرئيس للشرع فقط يغنيه عن القيام بأي عمل من أجل بناء الوطن والنهوض به ؟   ومن المعلوم ان الرئيس تقدم ببرنامج عمل للنهوض بالوطن في كل المجالات، وطلب من الشعب انتخابه متعهدا بانجاز تعهداته.            

 

   ولأن هذه الشخصية تكلمت في " مبادرة" في مكان عام ، منقول في وسائل التواصل الاجتماعي مقدمة هذه الفتوى،كان لابد ان نسألها عن ماذا تعني باحترام الشرع، الذي يُعفي الرئيس من القيام بتعهداته؟     وبما انه انطلاقا مما يعرف بنص الخطاب،   يمكن للمعارضين -ولست منهم - ان يفهموا ان  الرئيس -لا سمح الله - قد قصر في اداء واجبه الذي انتخبه الشعب من اجله، فمدت له هذه الشخصية العلمية يد العون بأنه يكفيه انه يحترم الشرع ويمتثله!!   الشيئ الذي يمكن للمعارضين ايضا، ان يفهموا  منه انها تقصد  ان احترام الشرع وأمتثاله شيئ، والقيام بالبناء الوطني شيئ  آخر ، وبالتالي فمن يحترم الشرع ويمتثله فذلك يكفيه ولو لم ينجز من البناء الوطني.

أحد, 02/06/2024 - 18:22